اتسمت فترة حكم اللص والكذاب تبون بارتفاع مستوى الانحطاط والفساد في كل المجالات فقد عاشت الجزائر على مد أربع سنوا مرحلة مستمرة ومتواصلة من التردي والهوان التردي في جميع المجالات من التعليم الأساسي والجامعي إلى الصحة والمستشفيات ومن الزراعة إلى الصناعة والاقتصاد ومن العمران الذي تحول إلى عشوائيات تحيط أحزمتها القبيحة بالمدن إلى المواصلات وحوادث الحافلات والطرق وغرق قوارب الهجرة بالعشرات.
فقد أصبح الفساد في الجزائر هو القاعدة وليس الاستثناء فانهارت معه القيم واستشرى سلم القيم الاجتماعية والأخلاقية المقلوب حيث أصبحت القيم النبيلة التي ينهض عليها ازدهار كل المجتمعات السليمة من صدق وأمانة وعلم واجتهاد ونزاهة في قاع السلم بينما ارتفعت القيم المنحطة من الكذب والجهل والنهب والصفاقة إلى قمة السلم حيث ارتفع مردودها جاها وأموالا للكذبة والانتهازيين وترديا وانهيارا للمجتمع ككل أما الهوان فحدث عنه ولا حرج حيث حول النظام الفاسد الجزائر إلى “الكنز الاستراتيجي” للعدو الغربي (روسيا وفرنسا) فعاثوا في المنطقة فسادا وهان شأنها حتى تجاسرت عليها بغاث الدول وتطاولت عليها بلاد لم يكن لها مكان على الخريطة من قبل لذلك فلم يكن غريبا أن تنحط صناعة البترول هي الأخرى طوال السنوات الأربعة الأخيرة كما انحط التعليم وهانت السياسة وأن يدخل المثقفون إلى حظيرة هذا النظام الفاسد الفاقد للمصداقية والشرعية معا وبدلا من أن ينهض المثقف بدوره العقلي والنقدي في تعزيز الوعي وإرهاف الضمير وقيادة مجتمعه إلى التطور والازدهار أصبح خادما للاستبداد ومبلورا لخطاب هيمنته المغشوش وحارسا لأيديولوجية الانحطاط وتحول إلى أداة لأحكام قبضة السلطة الأمنية على الواقع وإنتاج خطاب تدليسي يعزز هيمنتها عليه ويجمل وجهها القبيح وبدلا من أن يكون المثقف والصحفي (دراجي وبن قنة) ممثلا لضمير الأمة وحارسا لقيمها العقلية والأخلاقية أصبح كلب حراسة لحماية النظام ينقض بشراسة على من يعارضه أو يكشف عريه من المصداقية والشرعية وينطلق بنباحه الكريه في وجه من تسول له نفسه قول الحقيقة وكشف تدليس خطابات سكان الحظيرة الفاسدة هكذا تحول الصحفي الذي أغدق عليه النظام الفاسد الساقط أمواله ومناصبه وجوائزه المغشوشة التي تنفخ في قيمته وتمنحه رأسمالا رمزيا مزيفا أيضا إلى تابع بائس لأجهزة الأمن التي تسيّره وتوجهه كالدمية يتباهى بصداقته الحميمة للجلاد ويتحول إلى كاتب تقارير تافه يلهث وراء فتات ما تقدمه له أجهزة الجنرالات الأمنية الاستبدادية التي استخدمته بذكاء طوال سنين الانحطاط الأخيرة.