تشهد الساحة السياسية ببلادنا توترا على جميع الأصعدة ويبدو جليا أن مستوى الدولة ينحدر أكثر من أي وقت مضى على مستوى الأخلاقيات السياسية وأسلوب الحكم والمؤسسات التي تحولت إلى مزارع لهذه الشلة أو لتلك المجموعة إذ لا توجد في البلاد مرجعية محددة بل هناك عدة جهات تتصرف كما يحلو لها في الشأن العام ووفقا لمصالحها أما المعارضة فهي مجرد فسيفساء غير موحَدة فضلا عن انعدام حاضنة شعبية حقيقية تؤمن بها وتسندها.
ومن هنا تساءلت صحيفة “موند أفريك” الفرنسية : “من هو الحاكم الفعلي للجزائر؟” وأوضحت أنه لم تتم الإجابة عن هذا السؤال الملح بعد حيث إن السلطة الجزائرية مبهمة ومقسمة وغامضة ومع تراجع صحة بوتفليقة وعجزه عن الكلام حسب الصحيفة باتت الجزائر من دون قائد وقد أصبح نظام الحكم بمثابة صندوق أسود أكثر من أي وقت مضى والأخطر من ذلك أن الجيش الجزائري الذي لطالما كان الملاذ الأول والأخير عند الأزمات بات بدوره منقسما إلى ثلاث جماعات تتنافس داخل المؤسسة العسكرية قبل الانتخابات الرئاسية الجزائرية: الجماعة الأولى وهي الأكثر نفوذا في الوقت الحالي تخضع لسلطة رئيس الأركان ونائب وزير الدفاع قايد صالح أما المجموعة الثانية فهي موالية للجنرال بشير طرطاق الذي عين رئيسا لدائرة الاستعلام والأمن من قبل الرئاسة الجزائرية فضلا عن كونه مكلفا بجميع أعمال سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس أما المجموعة الثالثة وهي أقل نفوذا فتضم الموالين للجنرال محمد الأمين مدين المعروف باسم توفيق والذي شغل منصب رئيس دائرة الاستعلام والأمن ولعب دور الرئيس الفعلي للجزائر طيلة ربع قرن من الزمن وتضيف الصحيفة أن رئيس هيئة الأركان قايد صالح يستحوذ على المشهد الإعلامي من خلال ظهوره المتكرر في اجتماعات مع المتعاونين معه مرتديا الزي العسكري ومتحدثا بلهجة حازمة تُنقل عبر التلفزيون وكأن الأمر مفتعلا حتى ينسى الجميع الصورة المثيرة للشفقة التي يظهر من خلالها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وإثبات قوة قايد صالح أو على الأقل النفوذ الذي يمارسه على التلفزيون الوطني وأظهرت الخطب القليلة لرئيس الأركان الموجهة للإعلام الجزائري هذا الانطباع عن الصلابة عندما صرح قايد صالح مؤخرا قائلا: سنكون العين التي لن تغمض أبدا لمصلحة الجزائر وضد أعدائها و أنا أو الفوضى هذه هي الرسالة الضمنية التي يحاول الجنرال قايد صالح تمريرها ولا يخفي قايد صالح أمام أقاربه أمر ترشحه في الانتخابات الرئاسية الجزائرية في شهر أبريل في حال فشلت الطبقة السياسية الجزائرية في التوصل إلى شروط انتقال سلمي للسلطة.