واحد منا هو مقال أو بورتري يسلط الضوء على شخصيات حقيقية داخل مجتمعنا مع أخد بعين الاعتبار عدم ذكر الأسماء الحقيقية لتلك الشخصيات. فهناك عدة أنواع من الشخصيات ببلادنا ومع أن لا أحد يحب أن يكون تلتصق به صفة معينة بالذات فإنه من المفيد الحصول على فكرة عامة عن شخصية شخص ما فالشخصية هي البصمة التي تحدد صفات الشخص وكل ما يتعلق به فالشخصية هي الإطار الذي يبرز الشخص من خلاله وتشتمل الشخصية على كل صفات الفرد كما أنها هي التي تميزه بين الآخرين. وهناك أنواع عديدة من الشخصيات المختلفة والتي يبرز من خلالها الأفراد. كل شخص لديه شخصيته المتميزة الخاصة وليس هناك أي شخص تماما مثل أي شخص أخر. إذا هناك عدة أنواع من الشخصيات ومع أن لا أحد يحب أن تلتصق به صفة معينة بالذات ولذلك من المفيد الحصول على فكرة عامة عن شخصية شخص ما ويمكن استخدام هذه المعلومة في كيفية التعامل مع الناس ودراسة المجتمع.
في كل سنة لا يرتاح بال الحاج توفيق إلا إذا وضع قدمه في أول طائرة تغادر إلى الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة حتى إنه لا يعرف عدد المرات التي ذهب فيها إلى السعودية حاجا أو معتمرا وعدد المرات التي صحب فيها زوجاته الأربعة وأبناءه وأحفاده. الحاج رجل أنيق ويحب ارتداء البدلات الرسمية الغالية ويضع على رأسه دائما قبعة ايطالية على شكل قبعة دنيرو في فيلم العراب ويغطي وجهه بنظارة شمسية من ماركة عالمية كأنه يخفي شيئا ما وينتشي كثيرا حين يطلق عليه الناس و رجال أمن بالمطار وموظفي الاستقبالات وختم الجوازات الشيخ توفيق فيبادلهم ابتسامة فارهة تفرج عن أسنان اصطناعية ناصعة ويتمتم في سره بارك الله فيكم علما أن الجميع يعرف من يكون الشيخ وعدد محلات بيع الخمور والبارات والملاهي التي يمتلكها في ربوع الجمهورية فالحاج توفيق يحرص على أداء الفروض ويلتزم بأوقاتها مثل ساعة سويسرية وأكثر ما يزعجه أنا يفوت صلاة الجماعة ويعاتب مستخدميه كثيرا على عدم أدائهم صلاة الجماعة في أوقات الفراغ يحلف أغلب من عرفوه بأخلاقه وطيبوبته وتدينه وكرمه الحاتمي خصوصا في المناسبات والأعياد. واعتاد عدد كبير من الفقراء والمعوزين التجمهر أمام باب فيلته لتسلم المواد الغذائية في رمضان وزكاة عيد الفطر بينما يحمل خرافا من ضيعته لتوزيعها على أصدقائه بالمدينة مع اقتراب عيد الأضحى.
يمزج الحاج توفيق بكل ثقة بين الحلال والحرام ويدافع عن هذا المزيج بالحجج الدامغة في تبييض أموال قذرة في أموال الخير ويسوق عددا من الشهادات والقرائن والأمثلة في سبيل ذلك ولا يزعجه أبدا أن يعتبر تجارته في بيع الخمور وإدارة الملاهي و”البارات” رزقا سخره إليه الله دون غيره لإنفاق عائداته في وجوه الحلال.فالحاج توفيق كون إمبراطوريته قبل سنوات ففي الوقت الذي كانت فيه البلاد تشتعل تحت المظاهرات والإضرابات في الثمانينات انتبه الحاج توفيق إلى أهمية الاستثمار في الملاهي فربط علاقات وطيدة مع مسؤولين كبار في الدولة وحصل على محلات في مناطق مميزة بأسعار تفضيلية ثم انتقل لمجال العقار و شيد خمس عمارات باع شققها الفاخرة بثمن خيالي وبنى حولها عددا من المرافق ومن هنا اتصل به بعض الأشخاص ليساعدهم في بناء مسجد فلم يفوت الفرصة واستطاع إلى يومنا هذا بناء أربع مساجد وكان الحاج توفيق يقسم بالله إذا كبرت تجارته بالخمور سيبني المسجد الكبير.
بعد العشاء مباشرة يلتحق الحاج توفيق بالعمل يصعد إلى مكتبه في الطابق الأول من الملهى الشهير بالمدينة الساحلية ومن هناك يدير الحاج جميع أنشطته الليلية عبر وسائل اتصال متطورة وكاميرات مبثوثة في كل مكان يطلع على حركاتها وسكناتها على شاشات موضوعة أمامه. يتدخل الحاج في كل شيء تقريبا بدءا من كميات الخمور بأنواعها المطلوبة كل ليلة والأطباق المفضلــة وحتــى أنــواع السجائر أما تنظيم مجموعات العاهرات داخل محلاته وتدبير شؤونهن مع الزبناء فهي لعبته لا يفارق الحاج مكتبه في الطابق العلوي إلا مع أذان الفجر حين يخلع حذاءه وبذلة العمل ويرتدي جلابة بيضاء ويتجه إلى بيت الوضوء استعدادا للصلاة الجماعة في المسجد صراحة الحاج توفيق يقوم بعملية روسكلاج بسيطة فهو يبيع للفقراء الخمور ويتصدق على الفقراء من أموالهم في المناسبات الدينية .الحاج توفيق سوى نموذج من الشخصيات السكيزوفرينية التي تعيش في بلادنا.