أمام تسجيل انخفاض كبير في درجات الحرارة، و تهافت الناس على كل وسائل التدفئة داخل بيوتهم، فهناك شريحة عريضة من المجتمع لا تجد مسكنا يقيها شر البرد الذي يفتك بأجسادها في غياب أبسط وسائل الحياة في ظروف طبيعية صعبة جدا، و على سبيل المثال و ليس الحصر، فقد فارق الحياة شخص متشرد معروف شعبيا لدى عامة الناس يوم الثلاثاء المنصرم، داخل محلات رئيس الجمهورية المخصصة للنشاط المهني بمروانة بولاية باتنة، و هو شيخ في الـ60 سنة من عمره، يدعى (م.ع)، و قد عثر مواطنون على جثته صباح أمس الأربعاء، هامدة فوق سرير صار مع انخفاض درجة الحرارة كتلة ثلجية، كان ينام فوقه داخل محل بلدي مهجور، وإلى جانبه بطانية كان يستعملها لتدفئة بدنه في غياب وسائل التدفئة العصرية في هذا الكوخ في قلب محلات الرئيس.
فيما خضعت جثة الفقيد لمعاينة طبيب خاص قبل أن يتم تحويلها إلى مصلحة الطب الشرعي لمعرفة سبب الوفاة، التي يحتمل أنها جاءت من شدة البرد، خاصة أنه في ساعة الوفاة لم تكن درجة الحرارة قد تجاوزت صفر.
و للتذكير فهذه ثاني حالة وفاة يتم تسجيلها في صفوف الأشخاص الذين يعانون من اختلالات نفسية وعصبية في شهر يناير الجاري، و الذي جاء باردا هذه السنة، حيث لفظت قبل أيام مارية تواتي أنفاسها داخل منزل قديم بحي لجنانة وسط مدينة نقاوس جراء معانتها من مرض ألم بها من دون أن تتكفل بمداواته، وكانت الفقيدة تتلقى عطف السكان الذين يقدمون لها المأكل ويتركونها تتقوت من المطاعم والبقالات من دون دفع الأموال، نظرا إلى حالتها المزرية، واستنكر عدد كبير من سكان المدينة إشاعات كاذبة أشارت لوفاتها بردا وجوعا في الشارع معتبرين ذلك تدليسا وإهانة لكرم وتكافل سكان الجهة.
و أمام هذه الوضع الذي تعيشه فئات اجتماعية مقهورة، لا حول و لا قوة لها، بدون مأوى، بدون أبسط شروط الحياة الكريمة، مرمية في الشوارع تنتظر أن يقتنصها الموت إما بردا أو جوعا أو مرضا، أين الجانب الاجتماعي في الدولة لحماية هذه الفئات المهددة في أسمى شيء منحه الله للناس و هي الحياة؟