ينتظر سكان ولايات الجنوب بفارغ الصبر، تفعيل الإجراء المرتقب استصداره والمتضمن تخفيض فاتورة الكهرباء بهذه المنطقة من الوطن التي في أمس الحاجة لمثل هذا الإجراء الذي يحد من أعباء ساكنة المنطقة، نظرا لكونه سيساهم في إعطاء مزيد من فرص تدعيم التنمية الإجتماعية من جهة والدفع بالنشاط الإقتصادي لاسيما في شقيه الفلاحي والصناعي من جهة ثانية.
و لهذا الإجراء بعد اجتماعي يتجلى في تخفيف الكثير من الأعباء المادية على قاطني المناطق الجنوبية باعتبارها تستهلك الطاقة الكهربائية بشكل كبير وطيلة فصول السنة سيما في فترة الحر الشديد .
أما البعد الاقتصادي يتمثل في توسيع دائرة توفير هذه المادة الطاقوية الهامة ووضعها في متناول شرائح واسعة من الفلاحين مما سيكون لذلك تأثيرا مباشرا بخصوص زيادة في الإنتاج وتسهيل مزاولة النشاط وهذا إلى جانب تشجيع المستثمرين الصناعيين على تجسيد مشاريعهم وبتكاليف أقل.
و قد قامت وكالة الأنباء الجزائرية باستسقاء أراء أكاديميين ومختصين، و الذين أجمعوا على أن التخفيض في فاتورة الكهرباء يعكس تكريس توجهات الدولة في الحفاظ على الجانب الإجتماعي وتعاملها النفعي الناجع مع المسائل ذات الصلة بتسيير وترشيد الموارد المالية. وفي هذا الصدد يرى البروفيسور علي شقنان أستاذ الطاقات المتجددة بجامعة الأغواط أن اللجوء إلى ضبط نسبة خاصة من التخفيض لفائدة مواطني الجنوب هو تعامل “صائب” مع انشغال خاص ولمنطقة لها خصوصياتها وصعوباتها المناخية والطبيعية.
و ثمن ذات الأراء المستقاة توجه الدولة في السنوات الأخيرة نحو الطاقات المتجددة والطاقة الشمسية تحديدا “وقطعها أشواطا هامة” في هذا المجال والتي ستشكل “رافدا قويا للإنعاش الإقتصادي” لكون المناطق الصحراوية تمثل 80 ” من مساحة التراب الوطني. ومن جهته ذكر أستاذ العلوم الإقتصادية موسى جخدم أن هذا الإجراء الذي يوجد قيد الدراسة يعد تفعيلا لمبدأ “التشاركية” بين القطاعات خدمة للإقتصاد الوطني ككل ونهجا “رشيدا ” لتوزيع مكتسبات التنمية الوطنية.
ومن شأن إجراء تخفيض فاتورة الكهرباء أن يكون حافزا للمستثمرين بما يتيح فتح مناصب شغل ودعم التنمية المستدامة بواسطة مضاعفة المشاريع مع ضمان الربح في عاملي الوقت والمال كما أضاف ذات المتحدث.
أما أراء المجتمع المدني بولاية الأغواط إزاء هذا الإجراء، فإن غالبية الأطياف الممثلة للمجتمع، و باعتبار الولاية ستستفيد من مشروع التخفيض، فإنهم رأوا هذا التخفيض بعين “الإرتياح”، فيما يترقبون الإعلان عنه رسميا ”وفي أقرب الآجال ” لكونه كان ولا يزال مطلبا ”ملحا” لسكان الجنوب.
وفي هذا السياق ذكر رئيس المكتب الولائي للكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية عمر بتقة، أن الإجراء يعد بمثابة ” التفاتة” و “لبنة” أولى في سياق جهود مرافقة مناطق الجنوب لتحقيق نهضة اجتماعية وتنموية تتماشى وإمكانياتها ومؤهلاتها. ومن جهته اعتبر عضو الهيئة الولائية للمنظمة الوطنية للمجتمع المدني لترقية المواطنة يونس شارف إجراء التخفيض خطوة على طريق تحقيق “التوازن الجهوي” بين مناطق الوطن.
كما أن هذا المطلب يعد واحدا من مطالب اجتماعية وتنموية أخرى ترمي في مجملها لرفع ”الغبن” عن سكان الجنوب وخصوصا المناطق النائية والمعزولة وهو أمر لا يتأتي -إستنادا لنفس المصدر- إلا بتكثيف البرامج التنموية الموجهة إليها.
و قد سجلت ولاية الأغواط وكنموذج وبرسم المخطط الخماسي المنصرم 2010 – 2014 والبرنامج التكميلي ما يقارب 975 كلم من الكهرباء بالوسطين الحضري والريفي بمبلغ إجمالي قيمته 13.5 مليار دج.
وقد تم لحد الآن إنجاز 479 كلم لفائدة 2.412 سكن بينما توجد أكثر من 395 كلم قيد التجسيد لتمس هي الأخرى حوالي 600 سكن وفق مصالح مديرية توزيع الكهرباء والغاز (وسط).
وبخصوص الكهرباء الفلاحية فقد استفادت الولاية بما مجموعه 930 كلم تتكفل مصالح سونلغاز بنحو 600 كلم منها في حين أسند الباقي لمديرية المصالح الفلاحية. ومن بين هذه الحصة هناك 100 كلم مستلمة و 200 كلم في طور الإنجاز فيما لا تزال 300 كلم في مرحلة الإجراءات القانونية التي تسبق الإعلان عن الصفقات ومنحها للمقاولات.
ويراهن على هذه العمليات عند استلامها تلبية احتياجات مواطني التجمعات السكنية المستحدثة إلى جانب تدعيم الإنتاج الفلاحي علما أن الولاية عرفت في السنوات الأخيرة بروز تجارب رائدة في بعض الشعب على غرار زراعة البطاطس.
أما بولاية الوادي فقد أجمعت عديد فعاليات المجتمع المدني من أساتذة جامعيين وحرفيين وأصحاب مؤسسات إنجاز على تثمين الإجراء المرتقب المتعلق بتخفيض فاتورة الكهرباء لفائدة سكان ولايات الجنوب.
و في هذا الصدد إعتبر مدير توزيع الكهرباء والغاز (سونلغاز) بالوادي عبد الواحد هماز أن هذا الإجراء يدخل في إطار مساعي الدولة الرامية إلى التكفل الأمثل بانشغالات مواطني الجنوب نظرا للخصوصية الطبيعية للمنطقة التي تمتاز بحرارة شديدة في فصل الصيف تستدعي إستهلاك أكثر للطاقة الكهربائية.
ومن ناحيته، وصف الدكتور رشيد خضير ، أستاذ بمعهد الإعلام والإتصال بجامعة الوادي في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، هذا الإجراء “بالجريء” الذي ينم عن “نوعية الإستجابة والتعاطي الإيجابي مع واحد من المطالب الملحة لسكان هذه الولاية “.
وأبرز بدوره الدكتور رياض ريمي ، أستاذ الإحصاء بكلية العلوم الإقتصادية والتجارية والتسيير- أهمية هذا الإجراء لدوره في إرساء “أسس الثقة” بين المواطن ودولته.
ومن جانبهم، عبر العديد من الفلاحين وهم الفئة الأكثر تمسكا بذات المطلب نظرا لحاجتهم الملحة للسقي اليومي وطيلة ساعات للمنتوجات الفلاحية عن “ارتياحهم” للإجراء القاضي بتخفيض فاتورة الكهرباء .
ومن شأن ذلك أن يساهم في تطوير الأنشطة الفلاحية بولايات جنوب البلاد سيما منها ذات الطابع الفلاحي و التي تعتمد أسرها على الفلاحة كمورد رزق أساسي مثلما أفاد به رئيس الغرفة الفلاحية حامد غمام بكار.
وبدورهم، رحب عديد المستثمرين من أصحاب المنشآت الصناعية الإنتاجية والتحويلية بهذا الإجراء واعتبروه “حافزا ” للمضي قدما في ترقية عالم الإستثمار الصناعي الذي يوجد في مرحلة التأسيس بالولاية.
نفس الشعور عبر عنه رئيس غرفة التجارة والصناعة “سوف” عبد القادر قوري الذي اعتبر هذا الإمتياز ”تجاوبا إيجابيا” مع انشغالات سكان المنطقة.
وثمن من جهته رئيس هيئة المجتمع المدني بولاية الوادي نور الدين قدور الإجراء المرتقب من طرف السلطات الإدارية المركزية واعتبره مكسبا لسكان المنطقة الذين كانوا قد عبروا بسلمية عن استيائهم ”الشديد” من ارتفاع تكاليف فواتير استهلاك الكهرباء.
وكان وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي أعلن في وقت سابق عن استحداث لجنة مصغرة لدراسة إمكانية التخفيف من ارتفاع القيمة المالية لفواتير استهلاك الكهرباء بالنسبة لمواطني الجنوب لاسيما خلال فصل الصيف.
وقال الوزير في تصريح للصحافة على هامش جلسة علنية بالمجلس الشعبي الوطني أن مواطني الجنوب عبروا عن انشغالهم بالنسبة لإرتفاع قيمة فواتير الكهرباء وتم الإستماع إلى هذا الإنشغال في إطار العمل الحكومي وبتعليمات من الوزير الأول يضيف السيد بدوي هناك لجنة مصغرة تدرس هذه القضية وسوف تقدم اقتراحات لإتخاذ إجراءات وقرارات للتخفيف من عناء المواطن بهذا الخصوص.