في أول خروج إعلامي لخليفة سعداني أمس الأحد، عندما خاطب صحفيين على هامش زيارته للمنزل الذي شهد اجتماع القيادات الثورية الستة قبل 62 سنة برايس حميدو بالعاصمة ، أكد جمال ولد عباس عن شرعية تعيينه في منصبه أمينا عاما لحزب جبهة التحرير الوطني، ردا على الشكوك في شرعية استخلافه السريع لعمار سعداني دون المرور بآليات الاستخلاف المتعارف عليها.
كما تشبت بشرعية منصبه الجديد داخل الأفلان قائلا: “لست أمينا عاما بالنيابة، أنا أمين عام بكامل صلاحياتي”، مضيفا “لم تنتهك أحكام القانون الأساسي للحزب عند تعييني أمينا عاما”، وذكر بظروف توليه المنصب الجديد، فـ”الدورة كانت ملتئمة ومستمرة لحظة طرح اسمه من قبل سلفه لخلافته وتزكيته من أعضاء اللجنة المركزية”، و أعلن عن نيته الاستمرار في منصبه إلى غاية اكتمال عهدته في 2020.
و كذلك عبر ولد عباس استعداده للعمل مع كل فرقاء الحزب، وقال : “الأفالان بيت كبير يسع الجميع ويجمعنا الوفاء لرئيس الجمهورية، موجها الدعوة لمناضلي الحزب للعودة، دون شروط”، كما أوضح إلى أن الترشح للانتخابات المقبلة سيتم بالمرور عبر القسمات.
ونفى ولد عباس وجود خطط له لتغيير تركيبة المكتب السياسي الحالي، موضحا “نحن نشتغل معا منذ سنوات ولا نية لي لتغيير المكتب”، مكررا تصريحاته في الصبيحة خلال اجتماع بروتوكولي مع عدد من أعضاء المكتب السياسي، ونقل حاضرون في اللقاء بأعضاء المكتب اعتزامه مواصلة العمل مع الفريق الموروث من سعداني، موضحا “سنواصل العمل بنفس العزيمة والنهج والأسلوب والطريقة”.
وأظهرت صور للاجتماع حضور أعضاء المكتب السياسي الصادق بوڤطاية، وأحمد بومهدي، وعبد القادر حجوج، وحسين خلدون وعبد القادر زحالي.
ويعتزم ولد عباس، الذي يأخذ مهمته على محمل الجد، إجراء لقاءات مع مزيد من قيادات الحزب، حسبما استفيد من المكتب السياسي، وأعلنت قيادات على خلاف مع الأمين العام السابق اعتزامها مساعدته في مهمته.
ويحتاج ولد عباس إلى معجزة لجمع شتات الافالان، في ظل الانقسامات التي سجلت في السنوات السابقة وشلت مؤسسات رسمية وخصوصا المجلس الشعبي الوطني مرات عدة، وفجرت اشتباكات عنيفة بين المناضلين مرات عدة.
وكان ولد عباس قد أعلن على هامش زيارته للمنزل الذي شهد اجتماع القيادات الثورية الستة، وهم محمد بوضياف، مصطفى بن بولعيد، ديدوش مراد، رابح بيطاط، العربي بن مهيدي وكريم بلقاسم، عن الحاجة إلى تحويل المنزل الذي تقطنه عائلة بوقشورة منذ فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر إلى متحف ، وذكر سننظر مع الوزير الأول في إمكانية منح صاحب المنزل منزلا آخر وتحويل هذا البيت إلى متحف.
وعلى خلاف سعداني، الذي دخل في مواجهات مع قيادات ومجاهدين خلال فترة توليه مقاليد الأفالان لثلاث سنوات، يعمل ولد عباس على مد جسور مع تاريخ الحزب، وهي فرصة تمكنه أيضا من ترسيخ حضوره الإعلامي.
و أمام هذه الخرجات الإعلامية لولد عباس التي تحمل في ظاهرها نيته جمع شتات الأفلان، إلا أنها استعداد ضمني للإنتخابات التشريعية المقبلة بكتلة لها قدرة على رسم المشهد السياسي الجزائري المقبل بسيطرة للأفلان، فهل سيتأتى هذا المسعى و ينجح ولد عباس فيما فشل فيه سعداني؟