أكد الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، اليوم الأربعاء بوهران، أن سير المرحلة الانتقالية المخصصة لتحضير الرئاسيات المقبلة، سيتم بمرافقة الجيش الوطني الشعبي، الذي سيسهر على متابعتها في إطار “الاحترام الصارم لقواعد الشفافية و قوانين الجمهورية”.
وفي ثالث يوم من زيارته للناحية العسكرية الثانية بوهران، شدد الفريق قايد صالح في كلمة توجيهية بثت إلى جميع وحدات الناحية، عبر تقنية التخاطب المرئي عن بعد على أن “سير المرحلة الانتقالية المخصصة لتحضير الانتخابات الرئاسية، سيتم بمرافقة الجيش الوطني الشعبي، الذي سيسهر على متابعة سير هذه المرحلة، في ظل الثقة المتبادلة بين الشعب وجيشه، في جو من الهدوء وفي إطار الاحترام الصارم لقواعد الشفافية والنزاهة وقوانين الجمهورية”، حسب ما جاء في بيان لوزارة الدفاع الوطني.
ولفت الفريق إلى أنه يتعين على الجميع فهم وإدراك كافة جوانب وحيثيات الأزمة في الفترة المقبلة، خاصة في شقها الاقتصادي والاجتماعي، مؤكدا أن هذه الأزمة “ستتأزم أكثر إذا ما استمرت هذه المواقف المتعنتة والمطالب التعجيزية، مما سينعكس سلبا على مناصب العمل والقدرة الشرائية للمواطن، خاصة في ظل وضع إقليمي ودولي متوتر وغير مستقر”.
و إزاء هذا الوضع، دعا إلى “ضرورة التحلي بالصبر والوعي والفطنة، من أجل تحقيق المطالب الشعبية والخروج ببلادنا إلى بر الأمان وإرساء موجبات دولة القانون والمؤسسات”.
كما ذكر الفريق في كلمته التي ألقاها بحضور اللواء مفتاح صواب قائد الناحية وإطارات وأفراد الناحية و ممثلي مختلف الأسلاك الأمنية، بـ”حرص الجيش الوطني الشعبي على الوقوف في صف الشعب والانحياز إلى جانبه” و هذا منذ بداية المسيرات السلمية التي “أبان فيها الشعب الجزائري عن سلوك حضاري ومستوى راقي من الوعي والنضج”.
وفي ذات الإطار، ذكر الفريق بتأكيد الجيش الوطني الشعبي على “ضرورة تلبية مطالبه المشروعة (الشعب)، بشكل يضمن الحفاظ على سير شؤون الدولة في طار الشرعية الدستورية”. وهو ما كان قد أشار إليه الفريق في مختلف مداخلاته منذ بداية المسيرات السلمية.
وفي هذا المنحى، عرج المصدر ذاته على التذكير بأن الفريق قايد صالح كان قد “أكد في البداية على ضرورة إيجاد حل لهذه الأزمة في أقرب الآجال. ومع تطور الأحداث واتجاهها نحو التأزم، دعا الجيش الوطني الشعبي إلى ضرورة إيجاد حل للخروج من الأزمة حالا وقدم اقتراح تفعيل المادة 102 من الدستور، لكن وأمام عدم الاستجابة لمقترحاته والاستمرار في التماطل، تقدم باقتراح، يوم 30 مارس الفارط، بتفعيل المواد 7 و8 و102 من الدستور.
وكانت آخر محطة هو اجتماع 02 أفريل أين اتخذت القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي الموقف التاريخي الصارم، وأصرت على تلبية المطلب الشعبي الملح وتطبيق أحكام المادة 102 من الدستور فورا وكان للشعب ما أراد حين قدم رئيس الجمهورية استقالته مساء نفس اليوم، والدخول بالتالي في مرحلة انتقالية”، مثلما جاء في البيان.
وفي سياق ذي صلة، نبه الفريق قايد صالح لخطورة محاولات بعض الأطراف الأجنبية ضرب استقرار البلاد وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، حيث قال:”مع انطلاق هذه المرحلة الجديدة واستمرار المسيرات، سجلنا للأسف، ظهور محاولات لبعض الأطراف الأجنبية، انطلاقا من خلفياتها التاريخية مع بلادنا، لدفع بعض الأشخاص إلى واجهة المشهد الحالي وفرضهم كممثلين عن الشعب تحسبا لقيادة المرحلة الانتقالية، وتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى ضرب استقرار البلاد وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، من خلال رفع شعارات تعجيزية ترمي إلى الدفع بالبلاد إلى الفراغ الدستوري وهدم مؤسسات الدولة”.
وأوضح في هذا الصدد أن هدف هؤلاء كان “الوصول إلى إعلان الحالة الاستثنائية” وهو الأمر الذي “رفضناه بشدة منذ بداية الأحداث، فمن غير المعقول تسيير المرحلة الانتقالية دون وجود مؤسسات تنظم وتشرف على هذه العملية، لما يترتب عن هذا الوضع من عواقب وخيمة من شأنها هدم ما تحقق، منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، من إنجازات ومكاسب تبقى مفخرة للأجيال”، يقول الفريق قايد صالح.
ومن أجل إحباط محاولات تسلل هذه الأطراف “المشبوهة”، أكد الفريق أن الجيش الوطني الشعبي “بذل كل ما في وسعه من أجل حماية هذه الهبة الشعبية الكبرى من استغلالها من قبل المتربصين بها في الداخل والخارج، مثل بعض العناصر التابعة لبعض المنظمات غير الحكومية التي تم ضبطها متلبسة، وهي مكلفة بمهام اختراق المسيرات السلمية وتوجيهها، بالتواطؤ والتنسيق مع عملائها في الداخل”.
كما حذر من أن هذه الأطراف “تعمل بشتى الوسائل لانحراف هذه المسيرات عن أهدافها الأساسية وركوب موجتها لتحقيق مخططاتها الخبيثة، التي ترمي إلى المساس بمناخ الأمن والسكينة الذي تنعم به بلادنا”.
وقال في هذا الشأن: “تتطلب هذه المرحلة التاريخية والمفصلية الحاسمة، بل، تفرض على كافة أبناء الشعب الجزائري المخلص والوفي والمتحضر، تضافر جهود كافة الوطنيين بإتباع نهج الحكمة والرصانة وبعد النظر، الذي يراعي بالدرجة الأولى وأساسا المصلحة العليا للوطن، والأخذ بعين الاعتبار أن تسيير المرحلة الانتقالية يتطلب مجموعة من الآليات يقتضي تفعيلها حسب نص الدستور، أن يتولى رئيس مجلس الأمة الذي يختاره البرلمان بغرفتيه، بعد إقرار حالة الشغور، منصب رئيس الدولة لمدة ثلاثة أشهر، بصلاحيات محدودة، إلى حين انتخاب رئيس الجمهـورية الجديد”.
وفي سياق آخر ، تطرق الفريق قايد صالح إلى قطاع العدالة حيث قال أنه و “وبعد استرجاعها لكافة صلاحياتها ستعمل بكل حرية ودون قيود ولا ضغوطات ولا إملاءات، على المتابعة القضائية لكل العصابة، التي تورطت في قضايا نهب المال العام واستعمال النفوذ لتحقيق الثراء بطرق غير شرعية”، مطمئنا الرأي العام أن الأمر “سيمتد كذلك إلى ملفات سابقة كقضايا الخليفة وسوناطراك و+البوشي+ وغيرها من الملفات المتعلقة بالفساد” والتي “تسبب أصحابها في تكبيد الخزينة العمومية خسائر فادحة”.
وحرص الفريق على التأكيد على أنه “لا طموح له سوى خدمة البلاد والسهر على أمنها واستقرارها”، معربا عن ثقته الكاملة في تفهم الشعب الجزائري وإدراكه لحساسية الوضع وتغليبه المصلحة الوطنية وقدرته على الخروج من هذه الأزمة منتصرا “رغم ظهور بعض الأصوات الناعقة في الداخل والخارج، ممن يزعجهم التلاحم القوي بين الشعب وجيشه”.
كما استرسل: “سيثبت التاريخ صدق أقوالنا ومساعينا وأنه لا طموح لنا سوى خدمة بلادنا والسهر على أمنها واستقرارها، وستخيب كل آمالهم ومناوراتهم الرامية إلى المساس بسمعة ومصداقية الجيش الوطني الشعبي، الذي سيظل، رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين، سندا قويا لشعبه في المحن والأزمات، في إطار أحكام الدستور وقوانين الجمهورية، وأن ثقتنا كبيرة في تفهم شعبنا وإدراكه لحساسية الوضع وتغليبه المصلحة الوطنية وسيتمكن وطننا بإذن الله من الخروج من هذه الأزمة منتصرا كما عهدناه”.