صادق مجلس الأمة يوم الأحد بالإجماع على قانون الإجراءات الجزائية و على القانون المتعلق بحماية الأشخاص الطبيعيين في مجال المعطيات ذات الطابع الشخصي، و ذلك في جلسة علنية ترأسها عبد القادر بن صالح، رئيس الهيئة و بحضور وزير العدل، حافظ الأختام الطيب لوح.
وتهدف أحكام القانون المعدل والمتمم لقانون الاجراءات الجزائية الذي كان قد حظي نهاية مارس الفارط بمصادقة نواب المجلس الشعبي الوطني، إلى “وضع قواعد جديدة لتطبيق الاجراءات المتعلقة بالإكراه البدني ومراجعة الاحكام المتعلقة بصحيفة السوابق العدلية وكذا الاحكام المتعلقة برد الاعتبار.
وعليه، عرف القانون المذكور و المندرج في إطار إصلاح منظومة العدالة, إدخال إجراءات جديدة تتعلق بالإكراه البدني من خلال النص على أن “الطعن بالنقض يوقف تنفيذ هذا الحكم”، مع إيضاح كيفية الإيقاف بدفع المحكوم عليه لنصف المبلغ مع التزامه بدفع القيمة المتبقية في الآجال المحددة من طرف وكيل الجمهورية.
و قد وردت على هذا القانون جملة من التعديلات من بينها تلك المتعلقة بصحيفة السوابق العدلية، حيث ينص على إمكانية إطلاع المعني على محتوى القسيمة رقم 2 من هذه الوثيقة وهي القسيمة التي كانت تشكل عائقا كبيرا بالنسبة للمترشحين في الانتخابات، على سبيل المثال لا الحصر، مع إمكانية الاطلاع على محتوى القسيمة رقم 3 من صحيفة السوابق القضائية بالوكالة وسحبها إلكترونيا في المراكز الدبلوماسية بالخارج بالنسبة للجالية.
و ينص نفس القانون أيضا على مراجعة الأحكام المتعلقة بصحيفة مخالفات المرور بتشكيل قاعدة معطيات خاصة بها و توسيع صحيفة الإدمان على الخمور التي لم تفّعل منذ سنة 1966 لتشمل الجرائم الخاصة بالمخدرات وذلك بتحرير نسخة ثانية عن كل بطاقة تضم العقوبات أو الإلغاء أو التعديل.
كما يتضمن أيضا الاكتفاء في القسيمة رقم 3 لصحيفة السوابق القضائية بتسجيل العقوبات السالبة للحرية النافذة التي تتجاوز مدتها الشهر فقط، مع التنصيص على أن العقوبات المسجلة فيها لا يمكن أن تشكل عائقا أمام توظيف المعني سواء في القطاع العام أو الخاص ما لم تتناف العقوبات المدونة فيها مع طبيعة الوظيفة المقصودة، كما أنها لا يمكن أن تشكل عائقا لممارسة نشاط اجتماعي أو اقتصادي أو نشاط في مؤسسات القطاع الخاص ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
و قد عرف النص أيضا استحداث صحيفة سوابق قضائية خاصة بالأشخاص المعنويين (الشركات) تتضمن اسم الشركة ومقرها وطبيعتها القانونية ورقم تعريفها الإحصائي والجبائي وتاريخ ارتكاب الأخطاء والعقوبة المسلطة عليها والإشهار بالإفلاس والتسوية القضائية وغيرها.
و من جهة أخرى، ينص هذا القانون أيضا على مراجعة الأحكام المتعلقة برد الاعتبار القانوني والقضائي للشخص المعنوي مع تحديد كيفيات ذلك و المدة المخصصة لتطبيق هذا الإجراء.
و كانت جلسة المناقشة المخصصة لهذا النص قد شهدت رفع أعضاء الغرفة العليا للبرلمان لجملة من الانشغالات و التساؤلات على غرار السبب وراء عدم ادماج صحيفة مخالفات المرور مع صحيفة الإدمان على المواد الكحولية والمخدرات, في حين اعتبر بعضهم تحديد الحد الأقصى لمدة الاكراه البدني بسنتين إجراء قاسيا بالنسبة للشخص العاجز ماديا عن دفع المبلغ المدان به، فيما طالب آخرون بكيفية إثبات العسر المادي.
كما صادق مجلس الأمة كذلك اليوم الأحد بالإجماع على القانون المتعلق بحماية الأشخاص الطبيعيين في مجال المعطيات ذات الطابع الشخصي.
و من أهم ما جاء به هذا النص الذي كان قد حظي نهاية شهر مارس المنصرم بمصادقة نواب المجلس الشعبي الوطني، إنشاء سلطة وطنية مهمتها منح تراخيص معالجة هذا النوع من المعطيات لمختلف الهيئات تخضع للوصاية المباشرة لرئيس الجمهورية وتكون مهمتها مراقبة العملية وتنظيمها.
و ستكون هذه الهيئة مشكلة من 16 عضوا يزاولون مهامهم لمدة تمتد لخمس سنوات, ثلاثة منهم يعينون من طرف رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى ثلاثة قضاة يعينهم المجلس الأعلى للقضاء ينتمون إلى المحكمة العليا ومجلس الدولة وعضو لكل غرفة من البرلمان و ممثلا واحدا عن وزارات الدفاع والخارجية والداخلية والعدل والصحة والعمل والمواصلات السلكية واللاسلكية والتكنولوجيات والرقمنة.
وينطوي هذا النص القانوني الجديد على جملة من الضمانات التي تحمي البيانات الشخصية وتضمن عدم المساس بالحياة الخاصة، حيث تشمل جميع العمليات المنجزة في إطار “جمع أو تسجيل أو حفظ أو تغيير أو استغلال أو إرسال أو نشر أو إتلاف” هذا النوع من المعطيات.
و يقصد بالمعطيات الشخصية “كل البيانات المتعلقة بشخص معرف أو قابل للتعريف، على غرار رقم التعريف أو العناصر ذات الصلة بهويته البدنية أو الفيزيولوجية أو النفسية أو البيومترية أو الثقافية أو الاجتماعية أو الاقتصادية”، حيث يرتكز هذا النص برمته على مبدأ مواقفة المعني على استغلال المعطيات الخاصة به (أو العكس) و التي يعبر عنها في خانة يتم إدراجها في مختلف الاستمارات التي سيكون عليه ملأها بعد أن يصبح هذا النص ساري المفعول، غير أنه يستبعد من ذلك المعطيات المعالجة من قبل مصالح وزارة الدفاع الوطني والأمن وكذا تلك الموجهة لأغراض الوقاية من الجرائم وقمعها وتلك المتضمنة في قواعد البيانات القضائية.