من المنتظر أن يتوجه غدا الخميس، قرابة 23 مليون ناخب، إلى صناديق الاقتراع، لاختيار ممثليهم على مستوى 1.541 مجلس شعبي بلدي و48 مجلس ولائي، و ذلك بعد 22 يوما من الحملة الانتخابية التي دعا من خلالها المتنافسون إلى توسيع صلاحيات المنتخبين لتمكينهم من التكفل بانشغالات المواطنين وتجسيد تنمية محلية فعلية.
ولضمان شفافية هذا الموعد الانتخابي، أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية، نورالدين بدوي، أن دائرته الوزارية على “أتم الاستعداد” لهذا الحدث الوطني الذي يخوض غماره 165.000 مترشح بالنسبة لانتخابات المجالس الشعبية البلدية يمثلون نحو 50 حزبا سياسيا وأربعة تحالفات، فضلا عن مجموعات الأحرار، وهو ما يمثل 10.196 قائمة.
و من بين مجموع هؤلاء المترشحين، فإن 5ر15 بالمائة تقل أعمارهم عن 40 سنة و 25 بالمائة يحوزون على مستوى جامعي، في حين بلغ عدد المترشحين لهذه الانتخابات 18 بالمائة من المجموع الكلي.
أما فيما يتعلق بالمجالس الشعبية الولائية، فيتنافس أزيد من 16.000 مترشح على المقاعد، أي 621 قائمة، بحيث تقل أعمار 48 بالمائة من المترشحين عن 40 سنة، فيما يمثل النساء 28 بالمائة من المترشحين، كما أن 34.5 بالمائة منهم لديهم مستوى جامعي.
وقد بلغ عدد الناخبين المسجلين في القوائم الانتخابية قبل نهاية المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية (30 أغسطس-13 سبتمبر) 22.296.037 ناخب، حيث تلت هذه المراجعة الاستثنائية مراجعة أخرى سنوية للقوائم الانتخابية كان قد شرع فيها في 2 أكتوبر الجاري على أن تستمر إلى غاية 31 من نفس الشهر.
وتحسبا لهذا الموعد الانتخابي، تم وضع 12.457 مركز انتخاب، منها 342 مركز جديد و 55.866 مكتب اقتراع منها 3.111 مكتب جديد،علاوة على ما يربو عن 4.700 قاعة و فضاء عمومي سيحتضن التجمعات و النشاطات التي سيقوم بها المترشحون.
وستسمح هذه الاستحقاقات المحلية، التي تأتي عقب الانتخابات التشريعية المنظمة في 4 مايو الفارط، باستكمال مسار التمثيل الديمقراطي بالمؤسسات المنتخبة في إطار الأحكام المتضمنة في الدستور المعدل سنة 2016 ، المكرسة لضمانات أكبر لتحقيق شفافية ونزاهة الانتخابات، فضلا عن إنشاء الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات.
كما تأتي أيضا في الوقت الذي يتم فيه الإعداد لمشروع قانون حول الجماعات الإقليمية، سيجمع بين قانون البلدية و قانون الولاية في نص قانوني واحد بهدف تحقيق لامركزية أكبر و تحرير المبادرات المحلية و إسناد صلاحيات أكبر للمنتخب.
و من نفس المنظور، يتم أيضا الإعداد لمشروع قانون حول جباية الجماعات المحلية لتحقيق لامركزية جبائية و تزويد هذه الجماعات بإمكانيات أكثر لاسيما في هذا الظرف الذي يتميز بتراجع الموارد المالية المتوفرة.
و ترقبا لهذه الاستحقاقات، كانت الأحزاب السياسية قد شرعت منذ الإعلان عن تاريخها في حشد امكانياتها وإعداد العدة لها، حيث كان حزب جبهة التحرير الوطني -الذي يعد حزب الأغلبية بالمجلس الشعبي الوطني بحيازته على 161 مقعد- قد أعلن مشاركته في الانتخابات على مستوى مجموع المجالس الشعبية الولائية و المجالس الشعبية البلدية في البلاد، في الوقت الذي قدم فيه التجمع الوطني الديمقراطي (ثاني قوة سياسية بالمجلس الشعبي الوطني بـ 100 مقعد) قوائم مترشحيه على مستوى كل المجالس الشعبية الولائية و 1.521 مجلس شعبي بلدي.
و تصبو هاتان التشكيلتان السياسيتان اللتان تعدان العمود الفقري للأغلبية الرئاسية إلى جانب الحركة الشعبية الجزائرية و تجمع أمل الجزائر إلى حصد أغلبية المقاعد لترسيخ ثقلها و حضورها الاجتماعي على المستوى المحلي.
وفي ذات الإطار، تشارك حركة مجتمع السلم الحائزة على 34 مقعدا في هذه الانتخابات بـ 720 قائمة بالنسبة للمجالس الشعبية البلدية و 74 قائمة بالنسبة للمجالس الشعبية الولائية.
وفي هذا الصدد، دعا الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، إطارات وأفراد الجيش الوطني الشعبي ومختلف الأسلاك الأمنية إلى السهر على إنجاح الانتخابات المحلية المقبلة بالمشاركة في أداء الواجب الوطني خارج الثكنات العسكرية باعتبارهم مواطنين و العمل على توفير الأجواء الآمنة لتنظيم هذا الموعد في ظل السكينة والاستقرار.
وقال في هذا الشأن: “وجب علينا القول بهذه المناسبة أنه و وفق القوانين سارية المفعول المتعلقة بهذا الشأني فإن واجب الأفراد العسكريين ومختلف الأسلاك الأمنية الأخرى حيال هذا الاستحقاق الوطني الهامي هو واجب مزدوجي يتعلق الشق الأول منه بالمشاركة في التصويت حسب الإجراءات المعمول بها، أي خارج الثكنات باعتبارهم مواطنيني وأؤكد هنا على عبارة مواطنيني حتى يتم استيفاء ما تفرضه على الأفراد العسكريين موجبات المواطنة”.
أما الشق الثاني فيتمثل ـ مثلما أكد عليه الفريق قايد صالح ـ في “السهر قبل وأثناء و بعد هذه الانتخابات على ضمان أجواء آمنة و محيط مستقر وتوفير كافة الظروف المناسبة التي تكفل لإخواننا المواطنين القيام بواجبهم الوطني بكل حرية وطمأنينة وراحة بال”.
من جهتها، سخرت المديرية العامة للأمن الوطني ،180.000 شرطي من بينهم أزيد من 50.000 شرطي مسخرين على مستوى مراكز اقتراع التابعة لاختصاص الامن الوطني و البالغ عددها 4861 مركز. كما تسهر ذات المصالح على تأمين 31676 مكتب اقتراع تابع لاختصاص الأمن الوطني، إلى جانب تسخير الوحدات الجوية المقدر ب 14 وحدة على المستوى الوطني.
من جانبها، سخرت المديرية العامة للحماية المدنية 26569 عون تدخل بمختلف الرتب لتأمين وضمان سلامة المواطنين على مستوى مراكز و مكاتب الانتخابات المحلية ، إلى جانب توفير إمكانيات مادية تتمثل في 841 سيارة إسعاف و 810 شاحنة إطفاءي بالإضافة إلى معدات و إمكانيات خاصة.
جدير بالذكر أن رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، عبد الوهاب دربال، كان قد أكد في وقت سابق أن الحملة الانتخابية لمحليات 2017 اتسمت ب”الهدوء” وجرت بشكل “مقبول وحسن”، مشيرا الى ان تدخلات الهيئة و البالغة 685 تدخلا تعد “قليلة”.
للإشارة، فقد انطلقت يوم الاثنين المنصرم عمليات التصويت على مستوى المكاتب المتنقلة التي سخرتها الإدارة لاستقبال الناخبين القاطنين بالمناطق البعيدة بالجنوب الكبير وتمكينهم من اختيار ممثليهم الجدد بالمجالس المنتخبة المحلية.