أصبحت الغارات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة في ليبيا و التي تعتبر جزءا من جيواستراتيجية حقيقية واضحة المعالم.اذ أن الهدف منها هو منع هذا البلد من استرجاع امنه بوسائله و بناء ديموقراطيته بسلام. ويعلم قادة الغرب بشكل عام والأمريكيين على وجه الخصوص، أن هذه التدخلات العسكرية من شأنها أن تزيد الأزمة الداخلية في هذا البلد سوءا بدلا من أن تحلها. هذا لأن كل الفصائل ستدخل في نزاع بسبب هذه الضربات الجوية متهمين بعضهم البعض بالخيانة مما سيؤدي الى الانقسام، بينما يبقى الحل السياسي قريبا وبينما كانت القوات الحكومية للوحدة الوطنية قد حققت تقدما عسكريا واضحا. أيضا، فإنه سيتم تعزيز الوجود الإرهابي في البلاد بعد هذه الضربات العسكرية، بذريعة التعرض للاعتداء. والغرب يعرف ذلك جيدا. وهذا هو السبب الذي اختارت من أجله الولايات المتحدة توقيتا دقيقا للتدخل وتدميرما تم بناءه، أي التوافق الداخلي حديث العهد في ليبيا. و قد دمروا هذا التوافق السياسي في هذا البلد كما فعلوا في ابريل الماضي. و بالتالي فهم لا يريدون هذا البلد الجيوستراتيجي أن يِسس للأمن السيادي الخاص به و للديموقراطية.
الصندوق السيادي الليبي بقيمة 400 ملياردولار في البنوك الغربية
لذلك، يجب أن يكون هناك سبب لهذه الاستراتيجية الجهنمية للغرب والولايات المتحدة. فليبيا دولة تتوفر على صندوق سيادي يقدر بنحو 400 مليار دولار، من الاحتياطيات المتراكمة منذ عهد معمر القذافي.و يتم توزيع هذا المبلغ على مختلف البنوك الأمريكية والأوروبية. و ترفض البلدان التي بحوزتها هذه الأموال إعادتها إلى ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي، بحجة عدم وجود حكومة شرعية. بما أن الازمة الاقتصادية تضرب هذه الدول الغربية بشدة و بشكل مزمن منذ عام 2008، فانها تبذل قصارى جهدها لمنع تثبيت حكومة شرعية في ليبيا. بل تتعمد إدامة الأزمة السياسية و الأمنية في هذا البلد حتى لا تضطر الى إعادة الأموال إلى حكومة شرعية. وفي الوقت نفسه، فإنها تستخدم مال الليبيين كحل للأزمة الاقتصادية التي تعصف باقتصاداتها في السنوات الأخيرة.