على بعد أشهر قليلة من الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، تستعد جميع الأحزاب التي قررت دخول غمارها على قدم و ساق لترتيب البيت الداخلي، و من تم وضع خارطة السيناريوهات المحتملة للتحالفات، لكن الخرجة الإعلامية للأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، اليوم الاثنين بالجزائر العاصمة،في ندوة صحفية نشطها بعد تنصيبه للجنة المالية والاملاك للحزب، التي كشف من خلالها أن حزبه يحضر رفقة 12 تشكيلة سياسية أخرى، لإطلاق مبادرة جديدة تحت تسمية “الجبهة الداخلية العتيدة”، موجه “ضد المخاطر المحدقة بالبلاد”، تطرح أكثر من علامة استفهام حول إعلانها في هذه الظرفية بالذات، و هل هو تحالف سياسي لرسم معالم المشهد السياسي لما بعد الاستحقاقات الانتخابية؟ أم يلعب حزب الأفلان دور الهولدينغ السياسي؟
أسئلة معلقة إلى حين وضوح الرؤية و بروز إشارات سياسية أكثر وضوحا، أسئلة تخفي الكثير من الحقائق، لكن الحقيقة الوحيدة هي التي جاءت على لسان ولد عباس قائلا: “نحضر رفقة 12 حزبا سياسيا آخر لمبادرة جديدة تحمل تسمية “الجبهة الداخلية العتيدة” والتي ستتولى القيام بعمل جماعي لتحسيس المواطنين حول مختلف “الأخطار المحدقة بالبلاد وصدها خاصة في الشق الأمني منها”، و دعا في نفس السياق كل شرائح المجتمع الى “التحلي باليقظة أكثر لحماية البلاد والمكتسبات”.
و أرسل ولد عباس إشارة أقوى عندما أكد أن حزبه يسعى من خلال هذه المبادرة إلى “تحقيق الإجماع الوطني ميدانيا” وأنه “لا يتدخل في الشؤون الداخلية للأحزاب الأخرى”.
و لدى تطرقه الى الانتخابات التشريعية القادمة، استعمل ولد عباس لغة سياسية أكثر مرونة عندما أكد أن حزبه “لن يقبل بتكرار ترشح مناضليه لعهدة برلمانية ثالثة أو رابعة وأنه يفضل منح الفرصة للشباب وللعنصر النسوي دون إغفال الفلاحين والعمال باعتبارهم الوعاء النضالي الأكبر في الحزب” .
و في موضوع تأسيس لجنة المالية والاملاك للحزب، أبرز ولد عباس أنه تقرربعد وقوفه على “الوضعية المالية للحزب خلال لقائه ب113 أمين محافظة” مما مكنه من “الوقوف على عدة تجاوزات، على غرار تحويل مقرات القسمات الى مقرات اقامة خاصة لبعض الأشخاص”.
لتبقى هذه الإشارات السياسية التي بعثها ولد عباس بمثابة رموز سياسية لمن يجيد قراءة جزائر ما بعد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، و التموقع الاستباقي في الخارطة السياسية لتشكيل تضاريسها التي يتطلع المواطن البسيط أن يكون ضمن هضابها