تطرق الملك المغربي محمد السادس، لمشكل الهجرة الذي يؤرق العالم في الوقت الحالي مطالبا بإعادة صياغة خطة عمل إفريقية حول الهجرة والتي تم وضع أسسها الأولى شهر يوليوز الماضي خلال المؤتمر رقم 29 لرؤساء ودول الاتحاد الإفريقي.
وقال محمد السادس في الرسالة التي وجهها للقمة الخامسة التي تجمع ما بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي ؛” يتعين علينا أن نتخذ موقفا موحدا، ونتكلم بلسان واحد لإسماع صوت أفريقيا، بما يتماشى مع خطة العمل التي وضعناها بأنفسنا، في ظل تسارع حركة الهجرة بوتيرة غير مسبوقة، أصبحت هذه الخطة تفرض نفسها بإلحاح شديد، وتقتضي تفعيلها على أربعة أصعدة: وطنيا وإقليميا وقاريا ودوليا”، مشددا :” هناك ضرورة تصحيح أربع مغالطات وهي “أن الهجرة الأفريقية لا تتم بين القارات، في غالب الأحيان، إذ أنه من أصل 5 أفارقة مهاجرين 4 منهم يبقون في أفريقيا، وأن الهجرة غير الشرعية لا تشكل النسبة الكبرى، فهي تمثل 20 بالمائة فقط من الحجم الإجمالي للهجرة الدولية، وأن الهجرة لا تسبب الفقر لدول الاستقبال، لأن 85 بالمائة من عائدات المهاجرين تصرف داخل هذه الدول، وأخيرا، بأن التمييز بين بلدان الهجرة وبلدان العبور وبلدان الاستقبال لم يعد قائما”.
وتابع الملك المغربي :” مطالبة بالنهوض بمسؤولياتها في ضمان حقوق المهاجرين الأفارقة، وحفظ كرامتهم على أراضيهم، وفقا لالتزاماتها الدولية، وبعيدا عن الممارسات المخجلة واللا إنسانية الموروثة عن حقبة تاريخية عفى عنها الزمن”، مؤكدا :” هناك ضرورة وضع تصور جديد لمسألة الهجرة، من خلال التعاطي معها كموضوع قابل للنقاش الهادئ والرصين، وكحافز على الحوار البناء والمثمر”.
ولفت العاهل المغربي إلى الأزمة الحالية في ليبيا إذ أفاد :” ليبيا، التي تشكل اليوم نقطة العبور الجديدة بين أفريقيا وأوروبا، أصبحت بمثابة الجسر الذي تتدفق عبره الآفات بشتى أصنافها، والبؤرة التي تتدافع نحوها المصائب والمآسي كلها”، موضحا :” الممارسات الفظيعة التي يتعرض لها عدد من المهاجرين في هذه المنطقة، والتي تقترفها ميليشيات مسلحة غير خاضعة لسلطة الحكومة الليبية، “تسائل الضمير الجماعي لكل الأطراف الضالعة والمسؤولة عن هذا النوع من الاتجار، الذي يتنافى مع حقوق الإنسان الأساسية. وهذه الممارسات تتنافى أيضا مع قيم وتقاليد الشعب الليبي الشقيق”.
وأكد الملك محمد السادس :” وأمام انعدام القدرة الكافية، أو الرغبة الحقيقية في إدراك الأسباب العميقة لظاهرة الهجرة، فإنه يتم تقديمها وتعميمها في شكل صور نمطية، ومشاهد لتدافع جموع غفيرة من الأشخاص، دون عمل، ودون موارد، وأحيانا ذوي مسارات مشبوهة”، كاشفا :” بسبب النزاعات الإقليمية، فإن أفواجا عديدة من المهاجرين، غالبا ما تقع فريسة لشبكات الاتجار بمختلف أصنافها، التي تمتد من ترويج المخدرات إلى التنظيمات الإرهابية. وقد ظل المغرب ولايزال يدفع ثمن هذا الوضع منذ زمن بعيد”، ليتساءل :””هل بإمكاننا إيجاد حلول ناجعة لهذه الظاهرة؟ أم أنه من المفروض علينا أن نعيش في مناخ تنعدم فيه الثقة؟”.
ختم العاهل المغربي بالقول :” إننا نستطيع التحرك والمبادرة. غير أنه ليس بإمكاننا أن نقوم بكل شيء، بل أكثر من ذلك لا يمكننا أن نحقق ذلك بمفردنا. لذا، ينبغي العمل على تطوير السياسة الأوروبية في هذا المجال”.