عرفت المملكة العربية السعودية في الأيام الأخيرة، ما عرف بحملة “التطهير” والذي تم من خلالها اعتقال عدد كبير من الأمراء المنتسبين لعائلة آل سعود بتهم الفساد المالي ونهب أموال الشعب.
ووصفت صحيفة “اندبندنت” البريطانية في تقرير لها الوضع في مملكة الحرمين بالقول :” ليلة السكاكين السعودية الطويلة تبعها ظهور سعد الحريري في المملكة، يعلن استقالته من رئاسة الوزراء في لبنان، ثم جاءت الأخبار باستدعاء الزعيم الفلسطيني محمود عباس للرياض، فيما يبدو محاولة من ولي العهد البالغ من العمر 32 عاما لفرض سيطرته في بلده وفي الخارج، ورفع من خلال هذه العملية حالة التوتر في شرق أوسط سريع التأثر”، مشيرة “:محمد بن سلمان آل سعود يسعى إلى السيطرة على جميع مفاصل السلطة في السعودية، وأن يكون في الوقت ذاته صانع الملوك في البلدان الأخرى، إنها استراتيجية تنطوي على مخاطرة عالية إلى حد كبير، وهي مخاطرة لن يشرع فيها شخص حتى وإن كانت لديه ثقة عالية بنفسه مثل الأمير دون دعم من الخارج”.
وواصلت المصادر نفسها :” يبدو أنه وجد من يدعمه، حيث أعرب ترامب عن دعمه للتطهير في مكالمة مع الملك سلمان، وقام زوج ابنة الرئيس، جارد كوشنير، بزيارة سرية للرياض قبل عدة أيام، لكن هذا الدعم في الغالب له ثمن، فغرد ترامب أنه يسعى لأن يتم تعويم شركة (أرامكو)، وطرح أسهمها المقدرة بترليوني دولار في نيويورك، وقال الرئيس إنه طرح الموضوع خلال مكالمته مع الملك السعودي، وستكون بريطانيا هي من يخسر، حيث كانت لندن تأمل أن تتم عملية التعويم فيها؛ لتجلب معها دفعة كبيرة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وقد تكون رحلات تيريزا ماي والوزراء الآخرين إلى الرياض للحصول على ذلك بلا أي فائدة”، معلقة :” يبقى أن نرى إن كان صعود نجم الأمير محمد الفلكي سيستمر أم أنه سيسقط ويحترق، لقد أمر أعضاء العائلة الحاكمة بعدم مغادرة البلد، وتم اعتقال العشرات منهم دون اللجوء إلى المتابعات القضائية، وشملت الاعتقالات أثرى رجال أعمال السعودية بمن فيهم الوليد بن طلال، الذي تتضمن استثماراته أجزاء كبيرة من “فوكس” التابعة لروبرت ميردوخ”.
وأكدت “اندبندنت” :” يبدو أن ولي العهد قد أمسك بقوة بعمادات المملكة الأربعة: العائلة المالكة ورجال الأعمال والأجهزة الأمنية والمؤسسة الدينية، فطريقه للسلطة العليا، ومعها إمكانية تحقيق الإصلاحات التي يريدها تبدو مضمونة”، مشيرة :” لدينا أيضا الحالة الغريبة المتمثلة في الحريري، الذي أعلن عن استقالته في خطاب، ليس في بلده الأصلي، لكن في الرياض وعلى التلفزيون السعودي، حيث اتهم إيران وحليفها حزب الله بالسعي لخطف لبنان من محيطه العربي واستهداف الأمن العربي”، مستطردة :” هذا هو موقف السعودية، فلم تكن الرياض راضية أبدا بأن يكون حزب الله جزء من التحالف الحاكم في لبنان، وزادت هذه الكراهية عندما بعث الحزب آلاف المقاتلين يحاربون إلى جانب قوات طهران لدعم رئيس النظام السوري بشار الأسد، فستنهار الحكومة اللبنانية الآن، ويرى الناقدون أن الحريري نفسه أصبح بمثابة رهين في السعودية”.
وحول تأثر الداخل الفلسطيني بهذا الأمر، أشارت “اندبندنت” :” رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هو الشخص الآتي الذي استدعي إلى الرياض، حيث كان يحاول السعوديون إبعاد حركة حماس عن الدعم الإيراني، لكنهم لا يزالون متشككين منها بصفتها حركة إسلامية، وقام عباس بتشجيع من السعودية بفرض حصار على غزة، لكن تمت (مصالحة) بين الطرفين، إلا أن الأمير محمد، الذي التقى وفدا من حركة حماس مؤخرا، يريد أن يبقى الوضع الحالي مستمرا كما تريد السعودية”، مختتمة بالقول :” سيكون ممتعا أن نرى ماذا سيحصل للمسار الذي اتخذه الأمير محمد إذا توقف الدعم الأمريكي، وقد يأتي ذلك لأسباب أخرى غير (أرامكو)، وقد تكون لتيلرسون وماتيس ومستشار الأمن القومي اتش آر ماكماستر آراء مختلفة عن ترامب وزوج ابنته، فآخر محاولة لإدخال الليبرالية للملكة انتهت بحصار مكة عام 1979، تبعه استسلام من العائلة المالكة لرجال الدين، الذين وضعوا أيديهم على مفاصل الحكم، ثم قاموا بنشر الفكر الوهابي في بلدهم وتصدير الإرهاب للخارج، فما يحصل اليوم في السعودية هو عاصفة رملية ستصل آثارها إلى خارج حدود المملكة”.