اعتبر راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية، أن فقر تونس على مستوى الموارد الطبيعية أنقذها من المصير الذي تعاني منه ليبيا، بسبب الطامعين فيها نظرا لتوفرها على ثورة بيترولية مهمة جدا.
وقال الغنوشي خلال جلسة تناولت التطورات في الشرق الأوسط، برسم منتدى “تي إر تي ورد” المهتم بالسياسة والاعلام، والذي تحتضنه مدينة اسطنبول التركية، عن مسألة الربيع العربي : “الشعوب ثارت ضد الديكتاتوريين، ونجحت في إزاحة بعضهم، ونحن ننتظر (إزاحة) البعض الآخر؛ لأن إعلان ثورة في مكان لا يعني انتصارها”.
وتابع المتحدث نفسه :” هناك مسافة ما بين إعلان الثورة وانتصارها، قد تكون سنة أو لعشرين سنة. مثلا، الثورة الفرنسية استغرقت نحو 80 سنة للانتقال من نظام ملكي إلى نظام ديمقراطي، هي تبدو مسافة كبيرة، لكن التاريخ لا يُكتب بيوم وبيومين”، مؤكدا :” مقتنع بأن العالم العربي دخل في مرحلة التحول الديمقراطي، وهذا التحول تختلف مدته، والنخبة السياسية تستطيع أن تختصر المدة إذا نجحت في إيجاد توافقات بينها، وللأسف النخبة السورية حتى الآن لم تبرهن على قدرتها على جمع صفوفها، بل إن الخلافات بين المجموعات المسلحة أفسدت الثورة، وشوهت صورتها”.
وواصل القيادي التونسي :” سيذهب (رئيس النظام السوري بشار) الأسد كما ذهب كل الطغاة بلا شك، ولكن متى هذا، تحكمه موازين القوى، والعالم العربي كله متجه للحرية، كما العالم، وإذا كان الوضع في تونس احتاج لمدة قصيرة، فهو يعود لعوامل، منها النخبة التونسية التي لجأت للطاولة لحل مشكلاتها”، مشددا :” همية تونس الاستراتيجية ليست بالأهمية ذاتها مثل مصر وسوريا وليبيا، فمن حسن حظ تونس أنه ليس عندها بترول، لكن ليبيا (من أكثر الدول الغنية بالنفط في إفريقيا) لديها كمية أكبر من البترول، هذه أكثرت الطامعين فيها، وجعلت التدخلات الخارجية كثيفة، وكل واحد يريد أن يغنم في ليبيا”، ليستدرك :” وضع التغيير في ليبيا أكثر تعقيدا، ويحتاج وقتا أكثر، ولكن، هناك نور في نهاية الطريق، في الحل بليبيا، وأتوقع أن الحل في الأفق، وهي مسألة وقت”.
وتحدث الغنوشي عن التحولات التي عرفتها تونس إذ أفاد :” في هذا المشهد القاتم والبائس، جاء مشهد الشاب التونسي (محمد) البوعزيزي، وكأنه لا يضرم النار في جسده وحسب، بل يضرم النار في النظام العربي بجملته، معلنا عن بداية النهاية لعصر، وبداية ميلاد عصر جديد تلتحق به المنطقة العربية بركب العالم”، مضيفا :” بعد 3 سنوات، يبدو المشهد بائسا، بل أشد بؤسا عما كان عليه 2010، حتى العودة في مصر لعصر (الرئيس الأسبق حسني) مبارك بات حلما بعيد المنال، لقد تعالت أصوات الردة تجلد ظهور الثائرين، حتى تندم الشعوب التي قامت بثورات لأنها فعلت ذلك، بل يدعوها لأن تحن لعودة جلاديها استرجاعا للأمن”، مبررا ذلك بالقول :” وذلك بعد أن انقلبت الثورات إلى إرهاب يتعمد اختراقها، والإساءة إليها، ونجح الطغاة بتوظيف جماعات التطرف لضرب الثورات، وهناك ردة طوقت الثورات، ونجحت في تحويلها إرهابا”. منتقدا “فشل نخبة الثورة في صناعة التوافقات بينهم، واستدراجها للعنف”.
وواصل رئيس حركة النهضة :” مقابل ذلك، نجحت تونس في الإبقاء على شعلة الحرية متقدة، وذلك لأسباب، بعضها يعود إلى أن الضغط الخارجي على تونس ليس بالقوة ذاتها في مصر وسوريا مثلا، ومنها ما عبرت عنه النخبة التونسية من قدرات على إدارة الحوار بينها بعيدا عن العنف، وتنازل بعضها للآخر”، معترفا :” حركة النهضة في تونس كانت أكثر الأطراف تنازلا، بعد أن تركت السلطة دون انقلاب، أو دون أن تخسر الانتخابات، وذلك تقديرا من أن الحرية أثمن وأغلى عليها من بقائهم في السلطة، الشباب يعيش في كثير من البلاد حالة إحباط، فهو بعد 6 سنوات من الثورة لم ير تحولا كبيرا في حياته اليومية، أما الخلافة في عصرنا، فلن تكون أكثر من العمل على إنتاج عالم إسلامي متقدم متعاون ومتضامن متحرر، يرى فيه العالم صورة لمقاصد الإسلام، في العدل والرحمة والتقدم والإنسانية”.