سيكون مشروع إعمار سوريا بعد تدميرها في الحرب أحد أكبر المشاريع الذي ستستفيد منه كبريات الشركات في العالم، ما يعتبر تطبيقا حرفيا لعقيدة الصدمة.
وقالت صحيفة “لوموند” الفرنسية :” الخسائر البشرية التي نتجت عن الصراع في سوريا، المستمر منذ ست سنوات ونصف، وصلت إلى قرابة نصف مليون قتيل في دولة يبلغ تعداد سكانها 22 مليون نسمة. وفي الأثناء، اضطر نصف سكان سوريا إلى مغادرة البلاد واللجوء إلى دول أخرى”، مبينة :” البنك الدولي قدر تكلفة الدمار الذي لحق سوريا بأربعة أضعاف ناتجها المحلي الإجمالي المسجل بتاريخ سنة 2010. ويعاني سوريان من أصل ثلاثة من الفقر المدقع. في المقابل، أعرب المستفيدون من هذه الحرب عن استعدادهم لضخ مبالغ مالية ضخمة لإعادة إعمار البلاد بما يخدم مصلحة نظام الأسد”.
وأفاد التقرير الفرنسي :” الدعم الجوي الروسي والحضور الإيراني برا من خلال المليشيات التابعة لها، لعبا دورا في نجاح النظام في “تحرير” بعض المناطق التي أصبحت أشبه بالأطلال. فضلا عن ذلك، ساهمت هذه المساندة العسكرية في دفع عدد هام من الأهالي إلى النزوح. كما كثف النظام من عملياته التخريبية بصفة ممنهجة منذ سنة 2012، مستهدفا الأحياء المناهضة له. وفي هذا الصدد، ترتكز استراتيجية العمليات العسكرية طويلة المدى أساسا على ثلاث مرتكزات: التدمير، والطرد، ثم الاحتلال”، مذكرا :” هذه الاستراتيجية تسببت في إرغام ملايين السوريين على الفرار إلى دول أخرى. أما بالنسبة لممتلكاتهم، فقد تخلوا عنها بعجالة حتى يتمكنوا من دفع تكاليف الخروج من البلاد والعيش في المنفى. وفي الأثناء، تنتفع شبكة كاملة من هذه الممتلكات، حيث تتعاون مع مختلف الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد، وتربط هذه الحلقة من “الوحوش” علاقة وطيدة بحلفاء دكتاتورية الأسد من خارج سوريا، وعلى رأسهم إيران ومليشياتها”.
وتابعت “لوموند” :” التوجهات الدينية تقف بالأساس وراء تدخل إيران ومليشياتها في سوريا، حيث تحتضن إحدى ضواحي مدينة دمشق مرقد السيدة زينب ابنة الإمام علي وشقيقة الحسين، في حين تعد هذه الشخصيات مقدسة عند الشيعة. من جانبه، شدد حليف ثان للنظام، ألا وهو الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، على تعهد بلاده بإعادة تشييد أكبر مسجدين في كل من مدينة حمص وحلب، علما أن المسجدين قد دمرا على يد النظام في سنة 2013″، مشددة :” يبدو أن مشروع قديروف السني ومشروع الحرس الثوري الإيراني الشيعي لا يستجيبان لرغبة نظام الأسد؛ الذي يريد أن يكافئ شركاءه الأجانب من خلال تخصيص حصة أكبر لهم في سوق “إعادة إعمار سوريا، التحدي الأكبر في خضم معضلة إعادة إعمار سوريا يرتكز أساسا في مدينة حمص، حيث تم تدمير قرابة 23 في المئة من منازلها، كليا أو جزئيا. وأشار البنك الدولي إلى أن حجم هذا الدمار يصل إلى نسبة 31 في المئة في مدينة حلب. ولكن هناك شكوك تحوم حول مدى دقة هذه النسب، نظر لأن نصف الأراضي في سوريا ليست مسجلة بشكل دقيق”.
وواصلت الصحيفة :” هناك أطرافا أجنبية أخرى تنوي المشاركة في عملية إعادة الإعمار، لكن دون أن تبادر بوضع يدها في يد النظام. وفي هذا السياق، نظم الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة مؤتمرا حول إعادة إعمار سوريا، خلال شهر أبريل الماضي في بروكسل. وبالتزامن مع هذا المؤتمر، قصف طيران الأسد مدينة خان شيخون، مما أكد أن فكرة “إعادة الإعمار” قد طرحت قبل أوانها”، متابعة :” ومباشرة، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه لن يشارك في هذه العملية إلا إذا شهدت البلاد “انتقالا سياسيا كاملا، وحقيقيا، وشاملا”. وأكد الاتحاد أن “تكاليف إعادة الإعمار ينبغي أن يتحمل مسؤوليتها بصفة خاصة أولئك الذين يغذون الصراع في سوريا”.