قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية بنشر تقرير تحدث عن الأوضاع بمدينة الفلوجة العراقية، إذ انتشرت نار الانتقام داخل صدور السلطات العراقية والميليشيات بحق العائلان السنية غرب العراق، وهو ما سينتج حتما تنظيما جديدا يتبنى نهج داعش وفكره.
وأفاد التقرير الفرنسي :” عدد كبيرا من العائلات العراقية عالقة في مخيم عامرية الذي يبعد 15 كيلومترا جنوب الفلوجة، في صحراء الأنبار غربي العراق. وقد منعت هذه العائلات من العودة لقراها رغم طرد تنظيم الدولة منها، بعد حوالي معارك استمرت ثلاثة أشهر العام الماضي”، ناقلة قصة سيدة عراقة اسمها لمياء قالت :” لمياء عابد، العالقة مع عائلتها في المخيم، إن والدها وأخاها رهن الاعتقال في سجن عامرية بالفلوجة، مع 2500 سجين متهم بالتعامل والتعاون مع تنظيم الدولة، وتؤكد لمياء أن التنظيم قد جند شقيقها قبل شهرين من المعركة، ثم ألقت القوات العراقية القبض عليه. أما والدها فقد شوهد في مقاطع فيديو التابعة لتنظيم الدولة وهو يحتفل بمقتل جندي عراقي”، متابعة:”قبل ستة أشهر، حاولت لمياء العودة مع أبنائها الأربعة إلى الأزركية، وهي قرية زراعية تقع شمال الفلوجة، لكن تبين للمياء أثناء عبورها أحدى الحواجز الأمنية أن اسمها موجود في قائمة الأجهزة الأمنية، التي يمنع المذكورون فيها من العودة إلى مدنهم وقراهم. ويعد ذلك بمثابة عقوبة جماعية تطال الأشخاص جراء مشاركة أحد أفراد أسرهم في القتال مع تنظيم الدولة”.
واستطردت الصحيفة :” المسؤولين السياسيين والقيادات القبلية في محافظة الأنبار السنية؛ قد حذروا من خطورة الإجراأت الانتقامية المتعلقة بمنع عائلات المقاتلين أو المتعاطفين مع تنظيم الدولة من دخول المدينة”، ناقلة عن رجاء العيساوي، المسؤولة عن الأمن في محافظة الأنبار قولها :” السكان طُردوا منذ ثلاث سنوات من منازلهم، فلماذا لا يتم إذن منع العائلات المناصرة لتنظيم الدولة من دخول المدينة لمدة ثلاث سنوات أيضا؟” معتبرة أن هذا يفعل بالأهل للانتباه لأبنائهم في المستقبل”.
وأكدت الصحيفة :” تم اتخاذ خطوات مماثلة في كامل المحافظة السنية بدعم من حكومة بغداد؛ التي أنشأت لجانا أمنية خاصة من أجل إعداد قائمة الممنوعين من العودة إلى منازلهم. وفي هذا الصدد، أفاد حيدر الإبراهيمي، مدير منظمة “سند لبناء السلام”؛ أن “الحكومة تمنح صلاحيات قانونية منبثقة من صلب العادات القبلية، وهو نظام غير شامل وغير شفاف ولا يستند إلى أي إطار قانوني، كما أنه مناهض لحقوق الإنسان”، مفيدة :” تطبيق هذا النظام منوط بالقبائل فقط، حتى أن بعضها في محافظات نينوى وصلاح الدين قد حكم على بعض العائلات المساندة لتنظيم الدولة بعدم الدخول للمنطقة لأربعة أجيال. وحول هذه النقطة، علق حيدر الإبراهيمي قائلا: “لن يكون ذلك بمثابة حل طويل الأمد”. كما أعرب الإبراهيمي عن أسفه لغياب فاعلين دوليين في مثل هذا الموضوع الشائك”.
وخلصت الجريدة :” شبح التفرقة أصبح يخيم على المدينة التي لا يتجاوز تعداد سكانها حوالي 400 ألف شخص. فهذه المدينة التي ازدهرت في الماضي وكانت معقلا لنظام صدام حسين، تحولت نحو السلفية الجهادية التي أزهرت في العراق منذ الغزو الأمريكي سنة 2003. وبالتالي، أصبحت رمزا لمقاومة كل من المحتل الأمريكي والسلطة الشيعية المركزية التي تدعمه”، متابعة :” جعلت القاعدة من هذه النواة الاستراتيجية عاصمة لها، على الرغم من بعدها حوالي 65 كيلومترا من العاصمة بغداد، قبل أن تسقط خلال سنة 2009 في يد القوات الحكومية والصحوات، المؤلفة من مقاتلين من القبائل المحلية. وخلال سنة 2014، كان للفلوجة موعد آخر مع التطرف ولكن هذه المرة مع تنظيم الدولة”.
وعادت “لوموند” بالزمن إلى الوراء، عندما قالت :” سيطرة تنظيم الدولة على المدينة أدى من جديد إلى انهيار التحالفات وتشتيت القبائل، فسارعت النخب المحلية وموظفو أجهزة الأمن إلى الهروب من المدينة، حيث لحقهم لاحقا ثلث السكان. وفي الأثناء، لم يتبق في المدينة سوى الشباب، وبعض البعثيين القدامى، والرجال المنتمين للمناطق الريفية المحيطة بها، والذين ساندوا تنظيم الدولة بهدف مقاومة سيطرة الحكومة المركزية الشيعية في بغداد”، مستطردة :” العائلات المحاصرة في مخيم عامرية الفلوجة؛ تكافح من أجل جمع المال اللازم لشراء حرية أبنائهم وذويهم المقربين. وقد أكدت لمياء عابد أن رجالا من عشيرتها قد دفعوا حوالي 1500 دولار لحراس السجن من أجل فك أسر والدها وأخيها. وأضاف عابد قائلة: “لقد أخبروني مؤخرا أنه يمكنهم إطلاق سراح أخي مقابل 5 آلاف دولار”.