أفادت ورقة بحثة محسوبة على تشاتام هاوس، معهد الدراسات الدولية بلندن أن الطريقة التي يسير بها النظام السعودي البلاد تجعل من مسألة عودة المعارضة بقوة أمر وارد جدا بل ومنتظر.
وقالت جين كيننينمونت، الباحثة في المركز :” ابن سلمان لا يشعر بالضغوط للقيام بعملية إصلاح سياسي، لكن المعارضة له لن تبقى ساكتة إلى الأبد”، مضيفا :”ابن سلمان، البالغ من العمر 31 عاما، يقدم نفسه على أنه (حداثي)، ويرى فيه أنصاره أنه قادر على توفير احتياجات البلاد، وما تطمح إليه من حياة حديثة، ولشعب لا تتجاوز أعمار الغالبية فيه الثلاثين عاما، وتعودوا على أن يحكمهم رجال كبار تجاوزوا الثمانين من عمرهم، وفي المقابل يرى فيه نقاده شابا حدثا لا تجربة سياسية له ومتهورا”، لتعلق بالقول :”أيا كان الرأي في (أم بي أس)، كما يعرف في الولايات المتحدة، فإنه يقوم بكسر نمطية الحكم في السعودية وعلى عدة مستويات، حيث تغيرت السياسة الخارجية السعودية بشكل كامل من الحرب في اليمن، التي تعد الحرب الأولى التي تقودها السعودية ضد جارتها منذ إنشاء المملكة في ثلاثينيات القرن الماضي، إلى انضمام الرياض لتحالف الإمارات والبحرين ومصر لمقاطعة قطر، بالإضافة إلى أن ترفيعه المفاجئ لمنصب ولي العهد كسر أيضا التقاليد الوراثية في البلاد، التي كان يتداولها أبناء مؤسس المملكة عبد العزيز بن سعود، وفي حالة ابن سلمان فإنه سيتم توريث العرش من الأب للابن”.
وأشارت الورقة البحثية:”ابن سلمان يقوم بتغيير السعودية على أكثر من جبهة، إلا أن الجبهة الغائبة التي لم يحصل فيها تغيير هي الجبهة السياسيةء الإصلاح السياسي، ولا يمكن تجاهلها وللابد، خاصة أن الإصلاحات التي يقوم بها تؤثر في العقد الاجتماعي الذي قامت عليه المملكة منذ إنشائها قبل عقود” لافتة :”ابن سلمان ركز انتباهه على طموحات الشباب، ولهذا قدم رؤية 2030، التي تضم عددا من المجالات التي تقوم فيها السعودية بتخفيف اعتمادها على النفط، وإنشاء قطاع خاص يولد الوظائف للشباب، ويحتوي على تخفيف تدريجي للقيود الشديدة التي تمارسها الدولة، بما في ذلك إنشاء هيئة حكومية جديدة للترفيه، وتنظيم حفلات موسيقية في أنحاء البلاد”.
وأكدت كاتبة التقرير :” رؤية 2030 تقوم على السياسات التي طرحتها السعودية خلال الفترة الماضية لتنويع الاقتصاد، ولهذا يعد (أم بي أس) بأن يجعل السعودية مركزا للتجارة والخدمات اللوجستية والسياحة، ويخطط (أم بي أس) لبيع جزء من أسهم الشركة النفطية العملاقة (أرامكو)، واستخدام المال العائد منها لإنشاء صندوق سيادي، وتقوم فكرة الأمير على استبدال القطاع العام (الحكومة)، الذي ظل يوفر الخدمات والوظائف لغالبية السكان، بقطاع خاص ناشط يتولى هذا الدور، ويغذي عملية النمو”، مستنتجة :”هذا يعد ضرورة؛ لأن الأنماط المتغيرة لأسعار النفط تجعل من الصعوبة بمكان على الدولة الإنفاق وبشكل دائم على القطاع العام، والمشكلة في هذا كله هو أن اجتذاب رؤوس الأموال للاستثمار سيكون صعبا عندما تكون أسعار النفط منخفضة، ومن هنا ظهرت النتائج السلبية لسياسات التقشف بشكل سريع، فيما لم تظهر المنافع التي وعدت بها الحكومة بعد”.
وأكد التقرير :” الحكومة قامت بخطوة غير محسوبة جيدا من خلال قطع نظام معقد من المنافع التي تقدمها للقطاع العام، الذي يوفر العمالة لضعف ما يوفره القطاع الخاص، بنتيجة وهي أن الكثير من الموظفين عانوا من انخفاض في رواتبهم بنسبة 20%، ومن هنا لم تكن شكوى المواطنين مفاجئة، ومن أجل تخفيف حدة الغضب الشعبي قام الملك سلمان، والد (أم بي أس) بإلغاء سياسات التقشف في أبريل، ومنح كل مواطن ما خسره خلال الستة أشهر من علاوات لتعويضه عما خسره”، كاشفا :” هذه الخطوة الفاشلة تكشف صعوبة تغيير المقايضة الاقتصادية في بلد قام فيه العقد الاجتماعي على توزيع الحكومة المساعدات، دون الحاجة لفرض ضرائب، وهي قصة قديمة تكررت في السعودية ودول الخليج الأخرى، وكان على القيادة الجديدة توقع ردود الفعل، وتحضير نفسها لها بطريقة أفضل، ومن خلال تقديمها بشكل تدريجي، وتحضير الرأي العام لها، وإيصالها بطريقة أفضل، والعمل على إنشاء شبكة ضمان وحماية اجتماعية قبل الشروع بتطبيقها، وبناء على هذه التجربة فإن التحدي القادم للحكومة سيكون توفير الوظائف”.