أكد محمد مصباح، الباحث المغربي بمعهد شاثام هاوس وهو المعهد الملكي للدراسات الدولية والاستراتيجية بلندن أن ما يعرفه المغرب في الوقت الحالي من حراك للريف سيؤثر لا محالة على النظام والسلطة الحاكمة.
وقال مصباح في مقابلة له مع أحد المواقع العربية إن منطقة الريف هي مجروحة عبر التاريخ، وعلاقتها مع السلطة المركزية هي متوترة قبل وبعد الاستقلال وهو ما ترك ندوبا في روح “رياف”، معلقا :”يجب العمل على تعميق الإصلاح السياسي وإعادة الثقة في المؤسسات، وإقرار فصل حقيقي بين الثروة والسلطة، ومحاربة الفساد، وإلا فإن المغرب لن يحقق استقرارا داخليا ولن يستقبل استثمارات خارجية”.
وشدد الباحث المغربي :”البطالة عامل حاسم في حراك الريف، بخلاف الأخطاء التي تروج عن المنطقة بكونها منطقة غنية حسب التداول الشعبي، لاعتبارين (المخدرات) و(تحويلات الجالية)، فالمخدرات لا يستفيد منها إلا كبار الأباطرة، وتحويلات الجالية هي فقط من أجل العيش ولا تكفي للاستثمار، وحتى الاستثمارات الموجودة فهي موجهة للاستهلاك فقط مطاعم ومقاهي”، مفيدا :”البطالة مضاعفة في المنطقة مقارنة بالمعدل الوطني، بحسب المندوبية السامية للتخطيط (الإحصاء الوطني)، خاصة لدى الفئات الشابة، لذلك تولد الإحساس بالتهميش، والحرمان من موارد المنطقة”.
وتطرق مصباح لكيفية تقييم المجتمع المغربي للحراك إذ قال :”اختلفت وجهات نظر المجتمع المغربي من حراك الريف إلى ثلاثة أطياف، فئة مساندة للحراك باعتباره مشروعا، طبيعتها حضرية ومتمدرسة لها تجربة سياسية أو مدنية، فئة ثانية واسعة، حذرة بحكم مشاهداتها لما يقع إقليميا، وما يتم نشره من بروباغاندا رسمية، يغلب عليها الخوف أو الاحتياط، الصنف الثالث، الذي يسمى إعلاميا (العياشة)، تهاجم وتسعى لتشويه الحراك، وهم فاعلون من غير الدول تقوم بتهديد المحتجين وتدعو أحيانا لاستعمال العنف ضدهم”، موضحا :””الجديد في الحراك، هو ما يسمى بالشباب الملكي، وهي فئات من غير الدولة تدعو إلى إعمال العنف في حق حراك الريف، وتهدد باستعماله، وهي تشبه إلى حد كبير (بلطجية) مصر أو (شبيحة) سوريا، وهذا تطور خطير جدا ينبغي التنبيه إليه”.
وأكد :”هذه النماذج قد تؤدي إلى انقسام المجتمع أفقيا، ما قد يضعف من دور الدولة نفسها، لأن الدول المتحضرة هي من تحتكر العنف، لكن عندما تشرع مجموعات في استعمال العنف فهذا تهديد لمشروعية الدولة نفسها”، مواصلا :”شباب الحراك يملك وعيا سياسيا جعله يستغل الفراغ المؤسساتي لمرحلة ما بعد الانتخابات، التي أثمرت حكومة جاءت أدنى من الانتظارات، إضافة إلى عدم ذهاب الدولة في التحقيق حول مقتل بائع السمك إلى مستواها، ما دفع الشباب إلى التصعيد”.
وقارن الباحث بين حراك 20 فبراير وحراك الريف إذ علق قائلا :”الدولة في 20 فبراير قدمت عرضا سياسيا وانفتاحا وبعده عادت لتنتقم، الآن غيرت خريطة عملها، من خلال المزج بين الدعوة للحوار، واللجوء للعنف والاعتقال وتشويه الأشخاص، وتريد عكس الوصفة من خلال تجريب القمع أولا ثم إذا فشلت في قمع الحراك ستذهب إلى عرض سياسي، وهي ذاهبة إليه حتما إلا أن يتوقف الحراك ذاتيا”، مشددا :”الأحزاب والهيئات المدنية لا تستطيع أن تلعب دور الوساطة بين حراك الريف والدولة، لأن الحراك يرفض هذا، وطالب بحوار مباشر مع الملك، واقترحوا لجنة يفوضها الملك لمباشرة الحوار معهم، لأن ناشطي الحراك فقدوا الثقة في دور الأحزاب، ولهذا فهم يدعون إلى تدخل المؤسسة الملكية، والحوار مع لجنة يوفدها الملك شخصيا للتفاوض مع ناشطي الحراك”.