اعتبرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن التطورات الأخيرة في المملكة العربية السعودية مقلقة للغاية، بعد القيام بإعفاء محمد بن نايف من ولاية العهد وتعيين الملك سلمان، حيث قالت :”إنه في سن الواحدة والثلاثين، يمكن أن يمتد سلطان ولي العهد الجديد زمنا طويلا. ويحتمل أن تتجاوز أصداء ذلك حدود المملكة، وتصل إلى مسافات شاسعة”.
وتابعت الصحيفة البريطانية واسعة الإنتشار :”الشاب محمد بن سلمان في عجلة من أمره. فقد تم اتخاذ كل الخطوات الضرورية لتصعيده خلال العامين المنصرمين منذ أن تولى والده عرش المملكة. ولكن، في سن الحادية والثلاثين، لربما جاء النصر الذي أحرزه بسرعة أكبر قليلا مما كان متوقعا. فهذا الأسبوع، أمر الملك سلمان بتنصيبه وليا للعهد، متجاوزا بذلك ابن عمه محمد بن نايف الذي يفوقه خبرة وتجربة”، مضيفة :”ما من شك في أن ترفيع ولي العهد الجديد محا الصورة النمطية عن المملكة التي اشتهر عنها أنها نظام حذر يحكمه الشيوخ وجرت العادة في هذه المنظومة من التعاقب الأفقي أن يخلف الأخ أخاه، فحتى منافسه السابق كان يبدو صغيرا، رغم بلوغه السابعة والخمسين من العمر”.
أكدت “الغارديان” :لكم طال انتظار هذا التغيير، وبعض الناس أشادوا بولي العهد الجديد على اعتبار أنه مصلح ونشط. ولكن من الواضح أنه لا ينوي التدخل لتغيير طبيعة البلد كنظام ملكي مطلق لا يتسامح مع المعارضة، ناهيك عن أن يتحدى العلاقة المبدئية بين آل سعود ورجال الدين الوهابيين المحافظين”، مشددة :”تشير التقارير الواردة من المملكة أن الزعامة الدينية فيها رفعت عقيرتها في الأيام الأخيرة؛ من أجل حماية النظام السلطوي من الديمقراطية. بالإضافة إلى ذلك، كانت نتائج المبادرات الدراماتيكية التي تبناها وأشرف عليها بنفسه في مجالي الاقتصاد والعلاقات الخارجية تعيسة للغاية”.
وأعطى القرير بعد الأمثلة التي كانت تؤكد أن المملكة العربية السعودية تعرف العديد من التغييرات :”خذ على سبيل المثال خطته المسماة “رؤية 2030″، التي تستهدف إعادة ترتيب أوضاع الاقتصاد السعودي، وإنهاء الاعتماد الخطير على النفط، والاستفادة من الطاقات الكامنة لدى الشباب. ثبت أن هذه الخطة ما هي سوى نوع من التفكير القائم على التمني ومجرد بهرجة ترتكز على الخصخصة، والأهم من ذلك كله على التقشف. وتبين أن خطة المملكة لتخفيض الإنفاق الحكومي كانت أشبه بدعوة للاضطراب الاجتماعي، خاصة أن الدعم الحكومي كان وفيرا، ومعظم الموظفين السعوديين يعملون لدى الحكومة. كان من جراء ذلك تقويض العقد المبرم بين آل سعود وعامة السعوديين: التحكم السياسي الصارم بمقاليد الأمور مقابل ضمان المعيشة”.
وختمت “الغارديان” بالقول :”في الماضي، لربما بادرت الولايات المتحدة إلى تشجيع الملك على التمهل، وعدم اتخاذ مثل تلك الإجراأت، خاصة أن ولي العهد الذي تم إقصاؤه كان يعدّ صديقا لأمريكا، فهو الذي قاد من خلال منصبه على رأس وزارة الداخلية جهود مكافحة الإرهاب لعدة سنوات. إلا أن البيت الأبيض قرر احتضان بديله الأصغر سنا ضمن جهوده لدعم الرياض في كل ما تفعل، سواء بسبب الرعونة والتهور، أو انطلاقا من الإقرار بالأمر الواقع”، متابعة :”أما الشعب السعودي، فيحصل بطبيعة الحال على ما يعطى له. في العادة يُنظر إلى الشباب المتعجل بحذر من قبل من يتقدمونهم في العمر. ولكن أعدادا أكبر بكثير من الناس، داخل المملكة وخارجها، لديهم هم أيضا ما يقلقهم”.