اعتبر وضاح خنفر، المدير السابق لشبكة الجزيرة أن الأزمة الحالية بين قطر والدول الخليجية ناتجة أساسا على الوزن الإعلامي للقناة العربية الأولى في العالم.
وأجرى موقع شبكة المحررين العالمية لقاء مع خنفر عبر الصحفي بيتر بيل والذي مهد لهذا الحوار بالقول :”مجموعة من الديكتاتوريين والملوك تشجعوا ءبسبب مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على شن هجمة على المصدر المستقل الوحيد للمعلومات المملوك عربيا في المنطقة، حيث يعلمون أنهم لن يواجهوا معارضة، وبالتأكيد ليس من واشنطن، التي كانت علاقاتها بالقناة، الممولة من قطر، غامضة، حيث امتدحتها ابتداء، لكن هاجمت بعد ذلك عملها الصحافي وتأثيرها”.
وقال خنفر في لقائه :” كان واضحا أن الأزمة الحالية هي امتداد للخوف المستمر من “الجزيرة”؛ بسبب استقلالها، وموضوعية العمل الصحافي فيها، وقد حولت “الجزيرة” الإعلام العربي، من مجرد امتداد للمخابرات والمؤسسات الأمنية، إلى قطاعات مستقلة، قيمها الشفافية والمسؤولية والديمقراطية، وهذا بالضبط ما تخشاه الأنظمة العربية”.
وحول السياسة التحريرية للقناة، قال خنفر :”كانت السياسة التحريرية لقناة “الجزيرة” العربية في موضوع السعودية وبقية دول الخليج موضوعية، لكنها ليست عدوانية على مدى السنوات القليلة الأخيرة، والقضية الكبرى بالنسبة لدول الخليج كانت تغطية مصر وليبيا والقوى الموالية للربيع العربي، وأرى أن الخلاف الحالي هو امتداد لآثار تغطية “الجزيرة” للربيع العربي وما تبعه، ولم تشارك الحكومة القطرية، أو توافق على سياسات دول الخليج في دعم القوى المضادة للثورة، وهذا أغضبهم، ووفرت إدارة ترامب بدورها هذه الفرصة لدول الخليج لتصفية حساباتها مع الدوحة و”الجزيرة”.
وقال المدير السابق للجزيرة إن ترامب كان له الكلمة الأهم في هذا الحصار إذ علق قائلا :”لقد تمت مكافأة ترامب في الرياض، حيث تم الترحيب به في استقبال كبير، ومنح حزمة مالية سخية، كانت عبارة عن 480 مليار دولار استثمارات، وكانت هذه حزمة إنقاذ جيدة لرئيس يعاني من مشكلات عديدة في بلده، فأعطى الضوء الأخضر للسعودية والإمارات لفعل ما تريدانه لتحقيق رغبتهما بإعادة رسم النظام في المنطقة، وفق ما تريانه مناسبا، واضح أنها كانت موافقة شخصية من ترامب، ولا تشكل إجماعا في واشنطن، وكان واضحا من البداية بسبب تضارب الرسائل الصادرة عن أقسام مختلفة في الإدارة، بأن هذا لم يكن جزأ من سياسة متماسكة تجاه المنطقة”، مضيفا :”تدير الإدارة الأمريكية الحالية السياسة الخارجية على أساس الصفقات، التي تستثني القيم، وحتى المصالح الأمريكية على المدى البعيد، إن هذه سياسة ضحلة وفيها قصر نظر؛ لأنها لا توفر الاستقرار لشرق أوسط يعاني من المشكلات، ولا توفر الأمن المرجو للولايات المتحدة”.
وأفاد خنفر أن اتهام قطر في الوقت الحالي بدعم الإرهاب ما هو إلى ذريعة لهذه الحملة، مواصلا :”محاربة الإرهاب أداة تستخدم كثيرا في المنطقة لمعاقبة أي شخص يتم الاختلاف معه، وتعلم الأنظمة في المنطقة أن سياسة الغرب في العالم العربي قائمة على مكافحة الإرهاب؛ ولذلك فهي الذريعة الأسهل لتبرير أفعالها، والأمر المحزن بالنسبة للسياسة الغربية هو أنها ألغت كلمة ديمقراطية من قاموسها عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، في الوقت الذي تأمل فيه بتحقيق الاستقرار والأمن”.