اختارت المملكة المغربية الحياد في الأزمة الخليجية بين السعودية والإمارات من جهة بشراكة مع البحرين، وقطر من جهته أخرى، حيث أبدى ملك البلاد استعداده لعرض وساطة بين الدول مع عدم التدخل في الشئون الداخلية لكل بلد.
وحول الموقف المغربي قال عبر الرحيم منار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني إن الموقف المغربي يتسم بالرتيث والحكمة.
وأفاد أسليمي في تصريح صحفي:” العالم العربي يحتاج في هذا الظرف الدقيق الذي يجتازه النظام الدولي وضمنه النظام الإقليمي العربي إلى دول تكون لها قدرة كبيرة من الإبصار للمخاطر القادمة، وهنا يندرج دور المغرب الذي تحرك منذ بداية الأزمة الخليجية بين الإمارات والسعودية والبحرين من جهة ودولة قطر من جهة أخرى”، مضيفا :” يجب الاستماع لحجج الطرفين واحتواء فتيل الأزمة بمساعدة دولة الكويت على لعب دور الوساطة والانتقال في مرحلة ثانية من الأزمة إلى دور الوساطة”.
وتابع الباحث المغربي :” البلد مهيأ للعب دور الوساطة لعدة اعتبارات؛ أولها، شراكته الاستراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي التي تجعله قريبا من كل أطراف الأزمة أكثر من أية دولة أخرى والوزن التاريخي والاستراتيجي للمغرب كنظام ملكي له تقاليد تاريخية قريبة جدا من أنظمة الخليج، والدور التاريخي الذي ظل يلعبه المغرب في كل الأزمات العربية، فالمغرب احتضن قمما كبيرة للمصالحة العربية العربية”، مسجلا :”المغرب سبق ونبه في خطاب الملك محمد السادس السنة الماضية في الرياض أثناء الاجتماع المغربي الخليجي إلى المخاطر الساعية إلى تفتيت وتقسيم الدول العربية، لذلك لاحظنا كيف ظل المغرب بعيدا عن القمم الأخيرة نظرا لإدراكه خطورة ما يحاك ضد العالم العربي، فالمغرب هنا يعرض وساطته وفقا لتقييمه واستشعاره للمخاطر الموجودة في التجزئة”.
وفي قراءة لبلاغ وزارة الخارجية المغربية، قال اسليمي :”واضح في بيان وزارة الخارجية المغربية، أن المغرب يسعى للحفاظ على التنظيم الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي وأنه يرفض الاختراق الأجنبي، المقصود به الإيراني خصوصا، لمنظومة هذا التنظيم الإقليمي، كما أنه يدعو إلى محاربة التطرف، وهي النقط التي تشكل أول العناصر التي قد تقرب الأطراف الخليجية إلى قبول دور الوساطة”، مشددا :”المغرب تحرك وانتظر إلى أن أصبحت الأطراف الخليجية مهيأة لكي يلعب دور الوساطة ما لم يكن هناك تأثير لجهات دولية أو عربية تريد استمرار القطيعة بين الدول الخليجية، فقد لاحظنا لحد الآن وجود اتهامات مباشرة من دول الإمارات والسعودية والبحرين لقطر، ولاحظنا مقابل ذلك تلويحات من دولة قطر بإمكانية التفاوض، لكن يوجد وعي لدى كافة الأطراف الخليجية بأن استمرار الأزمة معناه نهاية التنظيم الإقليمي لمجموعة دول مجلس التعاون الخليجي،وفي حالة تفكك هذا التنظيم فإن منطقة الخليج ستصبح ملعبا لتحالفات جديدة قد يكون أحد مكوناتها تحالف إيران وقطر وتركيا، الشيء الذي سيقود إلى مواجهة جديدة لم يسبق لها مثيل ستغير جميع التوازنات الإقليمية والدولية، ولا أعتقد أنه من مصلحة السعودية أن تسقط قطر في الملعب الإيراني، لذلك تبدو أدوار الوساطة مقبولة ومنها الوساطة المغربية التي قد تخفف من سقف الأزمة الحالية”.