هل الوضع في تونس مستقر؟ أم أن رياح التغيير هي نفسها الرياح التي ظهرت قبل اندلاع ثورة الياسمين التي أطاحت بنظام المخلوع زين العابدين بن علي ؟ هذا هو السؤال الذي طرحته مجلة فورين بولسي الأمريكية من أجل دراسة الواقع التونسي الحالي الذي وحسب المجلة لا يبشر بخير.
المجلة الأمريكية قالت أن نجاح تونس في بناء المؤسسات وفق نظام ديمقراطي لن يغطي الفشل الذريع الذي تعاني منه الحكومة التونسية في مجالات متعددة خصوصا المجال ” الاقتصادي ” حيث تعاني البلاد من وضعية اقتصادية حرجة قد تكون سببا في احتقان الشارع التونسي للمطالبة بالتغيير بالإضافة إلى أسباب أخرى منها تزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء والتبيان الكبير بين مناطق الشمال الشرقي المزدهرة وباقي مناطق البلاد التي تعاني من نقص كبير على عدة مستويات.
في المجال الاقتصادي سلطت المجلة الأمريكية الضوء أيضا على نسبة البطالة التي وصلت إلى 15.4 بالمائة حسب الأرقام الرسمية وهي نسبة تفوق ما كان قبل الثورة علما أن البطالة كانت أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع ثورة ” البوعزيزي “.
على المستوى الأمني تعاني تونس حسب ذات المجلة من ضعف كبير خصوصا أن البلاد أصبحت مرتعا للجماعات الإرهابية التي ضربت تونس أكثر من مرة ما جعل معدلات السياح تنخفض بشكل كبير دون نسيان الفساد المستشري في القطاع الشرطي، ما جعل 71% من المواطنين غير راضين عن الوضع الحالي.
وخلصت فورين بولسي إلى أن تونس ستعيش وضعا صعبا في حالة إذا ما أراد النظام فعليا القيام بعملات إصلاحات كبيرة من أجل التصدي لبعبع ” الفساد “، إصلاح يبدأ بإغلاق الحدود على الإرهابيين الذي أصبح صعبا بعد أن أضحت هذه الجماعات تدخل بسهولة بمجرد رشوة حرس الحدود، ثم يصل هذا الإصلاح إلى إنعاش الاقتصاد بالابتعاد عن الرشوة والمحسوبية.
المجلة الأمريكية ورغم انتقادها الشديد للنظام الحالي إلا أنها أبدت تعاطفا كبيرا مع تونس على اعتبار أنها البلاد الوحيدة التي استطاعت الخروج من الثورة بنظام قائم على الخيار الديموقراطي، عكس الحرب التي عرفتها كل من سوريا وليبيا واليمن أو الانقلاب العسكري الذي عرفته مصر.
وعولت المجلة في تحليلها على فرضية أن الديمقراطية هي الحل الوسط بين الجماعات الإسلامية المتشددة على حد وصفها والمتخوفين من الاسلام ذلك لأن تونس قد تكون النموذج الحي لتعايش المسلمين تحت مظلة نظام ديمقراطي كامل كباقي الدول الغربية.
هذا وتعيش تونس حاليا على صفيح ساخن بعد تصاعد الاتهامات للنظام الحالي بمحاولة نهج سياسة زين الدين بن علي في تقريب أفراد العائلة بعد اختيار الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بعد تعيين يوسف شاهد لتشكيل حكومة جديدة تخرج بالبلاد من وضعيتها الحالية الصعبة، وهو ما جعل بعض التيارات تقوم بالاحتجاج على هذه الخطوة، فيما كان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد نفى أية نية في اتخاذ نظام شبيه بنظام بن علي معلنا أن هذا الزمن ولي منذ ثورة يناير.