اعتبرت جريدة الغارديان “البريطانية” أن الربيع العربي من المتوقع أن يكون له جزء ثاني، ذلك لأن الأسباب التي جعلت الشعوب العربية تشتعل في الشوارع لازالت قائمة، بل وأصبحت بعد الموجة الأولى أكثر صعوبة وأشد وقعا على الشعوب، حيث اعتبرت الجريدة أن الأوضاع في المنطقة العربية أصبحت أكثر قابيلة للإنفجار حتى بالمقارنة بما قبل 2011.
وقالت الغارديان أن الفساد المستشري وسط الدول العربية، هو الذي أدى إلى إهدار كم كبير من الموارد التي تزخر بها هذه الدول، حيث اقترب هذا التبذير من الوصول لرقم 11 تريليون دولار، خلال النصف الأول من القرن حسب ماذكر تقرير حديث للأمم المتحدة، مضيفة أن إغلاق أبواب الاحتجاج السلمي أمام الشباب العربي، من المؤكد أنه قد سيكون أحد الأسباب الذي يجعلهم يتوجهون للإنفجار في وجه الأنظمة.
وبدأت الغارديان افتتاحيتها بالحديث عن بداية الربيع العربي، والأسباب الأولى التي تسببت في ذلك حيث قالت :” يصادف هذا الشهر مرور ستة أعوام على بداية الربيع العربي، سلسلة الأحداث التي كان من المفروض أن تشكل نقطة تحول في الشرق الأوسط الحديث. كانت حادثة إشعال البائع التونسي المتجول النار في نفسه وموته في الرابع من يناير هي التي أذنت ببدء عام ثوري. ألهبت الاحتجاجات التي انطلقت من بعد الجماهير العربية التي استعادت فيما يبدو ثقة شعبية بالنفس كانت قد اضمحلت من قبل تحت وطأة ستة عقود من الاستبداد”، مضيفة :” حاز الشارع العربي على التكريم لشجاعته وعزمه، وقد ألهم حركات انطلقت في مختلف أرجاء العالم. لم يصدح المحتجون فقط بشكاواهم، كما قيل، بل غيروا العالم أيضا. سقط أربعة من حكام العرب. إلا أنه بعد مرور ستة أعوام قصيرة باتت تلك الأحلام الآن في مهب الريح”.
وتحدث الغارديان عن الوضع في مصر الذي عاد إلى نقطة ما قبل الصفر بعد الإنقلاب العسكري الذي قاده الجنرال عبد الفتاح السيسي حيث قالت :” في مصر، أكبر البلدان العربية من حيث تعداد السكان، تمكنت الثورة المضادة من إعادة الدكتاتورية العسكرية إلى الحكم. وانتهت معظم المناطق في كل من ليبيا واليمن إلى ركام في حروب، القوى الخارجية هي الفاعلة فيها بشكل رئيسي، وهي التي على استعداد للاستمرار في القتال حتى موت آخر إنسان محلي. وسوريا انتهت إلى دمار شامل وإلى أنهار من دم”، معتبرة في نفس الوقت ان تونس ربما تبقى الاستثناء الوحيد، لكنها قالت أن بوادر التطرف انتشرت وسط الشباب التونسي الذي ألتحق بأعداد كبيرة بتنظيم الدولة داعش :” النجاح الديمقراطي الوحيد كان من نصيب تونس، التي شهدت انتقالا سلميا من الحكم السلطوي إلى الحكومة المنتخبة. كان الحزب الإسلامي الرئيسي فيها قد فاز بالسلطة. وفي العام الماضي، أعلن عن وقف كافة نشاطاته الثقافية والدينية، والتركيز على السياسة دون غيرها، متحولا بذلك إلى حزب ديمقراطي مسلم، على نسق نظرائه المسيحيين الغربيين. إلا أن لكل بطانة فضية سحابة؛ يشكل التونسيون العدد الأكبر من المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم الدولة”.
وأفادت الصحيفة البريطانية الواسعة الانتشار أن مسألة عودة الثورات العربية أصبح ممكنا جدا، خصوصا أن الأوضاع أصبحت من سيء إلى أسوء مضيفة :” الأسباب التي فجرت الثورات لم تتبدد ولم تختف، بل لعل الظروف اليوم من عدة جوانب أشد وأنكى، والأوضاع أكثر قابلية للانفجار مقارنة بعام 2011. تعيش الدول العربية في أزمة في كل مكان تقريبا؛ تراجع أسعار النفط أدى إلى نخر الاقتصاد السعودي، والقيادة المعطوبة في مصر تخلق الأزمة تلو الأخرى، والرجال والنساء الذين تملكهم اليأس ويمموا تجاه أوروبا إنما خرجوا طلبا لحياة أفضل من تلك التي تتوفر لهم في أوطانهم”.