تطرقت مجلة “ذا أتلانتك” البريطانية في تقرير لها للخطوات التي تبذلها المملكة العربية السعودية لتحسين صورتها الدينية في العالم، متسائلة عن الطريقة المثلى التي قد تجعل من الاسلام السعودي إسلاما معتدلا.
وقال التقرير :” لسعودية تمضي قدما من أجل تقديم الوجه (المعتدل) لها من خلال الحديث على أنها تمثل (الإسلام المعتدل المنفتح على العالم والأديان كلها)، كما قال ولي العهد السعودي قبل فترة، وتشير الدلائل إلى أن محاولات إعادة تشكيل العلامة التجارية نجحت، ففي مايو أثنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على هذه الجهود، وقام بشكل مشترك بافتتاح مركز لمكافحة الإرهاب في الرياض، وأعلن رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية في هذا الأسبوع عن استعداده للتشارك في المعلومات الأمنية مع السعوديين، قائلا إن إسرائيل (ستشترك بالمعلومات مع الدول العربية المعتدلة)”، متسائلة :” كيف ستقوم دولة ارتبطت بالأصولية بـ(تعديل) الدين الذي تقوم بنشره؟ واحدة من الطرق لتقديم تفسير معتدل للدين هي مركز الملك سلمان لدراسة الحديث النبوي، الذي يعد مصدرا للحياة المسلمة، لكنها محاولة تعطي صورة عن محدودية الاعتدال”.
وتابعت الصحيفة البريطانية :” المرسوم الملكي، الذي أعلن عنه الشهر الماضي، ونص على إنشاء مجمع الملك سلمان لدراسة الحديث النبوي، لم يكن سياسيا في نبرته، وركز على الطبيعة الدينية للمركز، وبأن مقره سيكون المدينة المنورة؛ لتأكيد استمرارية خدمة هذا البلد للشريعة ومصادرها، ومع انتشار الخبر في الإعلام الناطق باللغة الإنجليزية صار المركز سياسيا، حيث قالت وزارة الثقافة والإعلام إنه (مبادرة غير مسبوقة)، وسيقوم العلماء من خلالها بتصحيح الأحاديث؛ (بهدف التخلص من الأحاديث الموضوعة، وأي نص يخالف تعاليم الإسلام، ويشجع على ارتكاب الجرائم والقتل والأفعال الإرهابية، التي لا مكان لها في الإسلام، دين السلام)، وبهذه الصيغة قام الإعلام الغربي، مثل صحيفة (الغارديان) بالحديث عنه”، ناقلة ع جويل بليتشر، المحاضر في الحديث في جامعة جورج واشنطن قوله :”القصة الأصلية هي: الملك سلمان ملك تقي، وقام بالتبرع للمؤسسة الدينية”، ويعلق قائلا: “أعتقد أن وزارة الثقافة والإعلام رأت أن هذه القصة مرت عبر رؤيتها، وقالت إنها قصة يمكن الحديث من خلالها عن مكافحة الإرهاب”، وتشير الكاتبة إلى أن المسؤولين السعوديين الذين اتصلت بهم رفضوا التعليق”.
وعلقت “ذا أتلانتك” على ذلك بالقول :” بليتشر يرى أن كلا الروايتين تخدمان العائلة المالكة بشكل جيد، ففي داخل المملكة فإن إنشاء مجمع الملك سلمان للحديث النبوي جيد للعلاقات العامة؛ لأن العائلة المالكة تستمد شرعيتها من علماء الدين، ولماذا لا نبحث عن طرق جديدة لإنفاق المال عليهم، بالإضافة إلى أن الإعلان جيد للعلاقات العامة في الغرب، فعادة ما يتهم السعوديون بنشر نسخة أصولية من الإسلام يطلق عليها الوهابية، وهو مصطلح يحمل أحيانا دلالات ازدراء في الغرب، ويرغب السعوديون بتحسين صورتهم أمام ترامب، وكذلك المستثمرين المحتملين، باعتبارهم حلفاء أقوياء ضد الإرهاب”، متسائلة :” سبب تقبل رواية العلاقة بين مجمع الملك سلمان والإرهاب، لافتة إلى قول الزميل البارز في المجلس الأطلسي والباحث في الدين والسياسة أتش إي هيللير: “هناك عدد من الناس في الغرب يعتقدون أن الإسلام هو المشكلة، وعليه فإما أن نتخلص منه أو نعيد تركيبه أو تشكيله بصورة أخرى”، ويضيف أن هذه الرواية “تعطي أملا أنه يمكننا تغيير الإسلام إلى شيء يمكننا أن نحبه في الغرب، ولسنا بحاجة إلى مواجهة السؤال الصعب في الغرب مثل.. لماذا نقيم علاقات مع الديكتاتوريين في الدول ذات الغالبية المسلمة”.
واعتبرت الصحيفة أن قيام السعودية بحل المشاكل بشكل جزئي وسطحي لن يفيد شيئا، بل قد يصل إلى حد تحقيق نتائج عكسية، مفيدة :” سيكون لديك متطرفون مستعدون للقول إن السعودية لم تعد تلتزم بالإسلام الحقيقي، وقادتها في جيوب الغرب، وهو الرأي الحالي عنهم”، وتضيف: “الناس حساسون لأي تدخل مفترض، ومن هنا فإن محاولة الحديث عن دين معتدل تحمل رائحة غير طبيعية”.