اعتبرت صحيفة “دير شبيغل” الألمانية إن العلاقة بين تركيا أردوغان وروسيا بوتين، تؤكد البرغماتية الكبيرة التي تتعامل أنقرة فيما يخص علاقاتها الدولية، حتى وان كانت هنالك خلافات عميقة بين ابلدين حول مستقبل الأوضاع.
وأفادت الصحيفة في تقرير لها :” الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أقدم على خطوة تاريخية في يونيو سنة 2016، عندما قدم اعتذارا رسميا حول إسقاط الطائرة الروسية على الحدود السورية، ما حد من تصاعد وتيرة الأزمة، حيث كان البلدان على مشارف الدخول في حرب”، مضيفة :” العلاقات بين البلدين شهدت تحسنا كبيرا منذ ذلك الوقت. فبعد زيارة أردوغان لموسكو سابقا، زار بوتين أنقرة من أجل التباحث حول عدة قضايا على رأسها الحرب في سوريا، واستفتاء انفصال شمال العراق، فضلا عن العلاقات الاقتصادية التي تجمع بين البلدين. لذلك، بات الغرب ينظر بعين القلق لهذا التقارب، خشية أن تلتفت تركيا نحو روسيا وتشيح بوجهها عن الدول الغربية”.
وأكد التقرير الألمانية :” تركيا أبرمت مؤخرا اتفاقا لشراء النظام الصاروخي “أسء400″ من موسكو، وهو ما أثار فزع الخبراء الأمنيين والسياسيين في الغرب، بحجة أن هذا النظام قد لا يتلاءم مع المنظومة العسكرية الخاصة بحلف الناتو”، موضحة :” العلاقة بين تركيا والغرب تشهد أزمة متواصلة، حيث توجه عدة حكومات انتقادات لاذعة لحكومة الرئيس أردوغان وطريقة إدارته للبلاد، فيما تتهم أنقرة خصومها بدعم أعداء البلاد، من مسلحين أكراد منتمين لمنظمة حزب العمال الكردستاني، وأتباع الكيان الموازي الذي يقوده فتح الله غولن، والذي يُتهم بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة التي جدت في 15 يوليوز سنة 2016″.
وواصل التقرير :” أردوغان يسعى لعقد تحالف مع روسيا من أجل تحقيق أهداف استراتيجية، حيث يريد أن يظهر أمام كل من أوروبا والولايات بصورة المستقل الذي لن يكون في تبعية لهم. كما يسعى أردوغان إلى التأكيد على أن تركيا لديها خيارات أخرى وحلفاء آخرين يمكنها العمل معهم. كما أنه بات يعتقد أن بلاده يمكنها تحقيق مصالحها في سوريا بشكل أفضل إذا ما تعاونت مع موسكو، عوضا عن الغرب”.
وأشارت “دير شبيغل” :” تركيا فشلت في الإطاحة بنظام بشار الأسد، عبر دعم فصائل مسلحة، وباتت الآن تركز فقط على منع إقامة دولة كردية. ولذلك، يعول أردوغان على تعاون الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين من أجل إفشال هذا المخطط”، معتبرة :” التحول الكبير في العلاقة بين البلدين خلال الفترة الماضية يعكس طريقة تفكير الرئيس أردوغان، الذي أثبت أنه لا تحركه إيديولوجيا معينة في تسييره للبلاد، كما يتهمه الغرب دائما، بل إنه زعيم واقعي خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، ويتمتع بالمرونة والجرأة، و هذا التقارب الكبير بين تركيا وروسيا يواجه العديد من العراقيل، في ظل غياب موقف روسي واضح حول الملف الكردي، خاصة وأن نوايا موسكو تجاه الأكراد لا تزال غامضة. ويرجح البعض أنها قد تضع وحدات حماية الشعب الكردي في مرتبة الحليف الشرعي والموثوق في الحرب المعلنة على تنظيم الدولة”.
وختمت الصحيفة الألمانية تقريرها بالقول: “العلاقات بين أنقرة وموسكو كانت في أغلب الأوقات تتسم بالبرود. في المقابل، يحاول زعماء البلدين في الوقت الراهن إظهار التقارب أمام العالم، من أجل توجيه رسالة قوية للدول الغربية وإظهار قوتهما وتعدد خياراتهما”.