نوستالجيا الحرب / بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في العام 1945، قامـت روسـيا باحتلال الجزء الشمالي من شبه الجزيرة الكورية مؤسسة هناك نظامًا شيوعيًا يدين بولائه للاتحاد السوفياتي السابق. وكانـت الولايـات المتحدة تسيطر على الجـزء الجنوبي حيث أقامت نظامًا ديمـقراطيًا. وكان يفصل بيـن الجزأين الكوريين خط العرض 38. في ديسمبر 1948 انسحبت روسيا من الجزء الشمالي مطالبة الولايات المتحدة بالانسحاب من الجزء الجنوبي، وهو ما تم فعلًا وانتهزت كوريا الشمالية التي كانت أكثر تسليحًا من شقيقتها الجنوبية الفرصة فأطلقت العنان لقواتها يوم 25 يونيو 1950 متجاوزة خط العرض 38. وبدأت الأزمة الكورية التي تحولت بسرعة في ظل الحرب الباردة إلى أزمة دولية ظلت نيران حربها مشتعلة لسنوات طويلة. حيث قامت الولايات المتحدة بعد يومين من غزو كوريا الشمالية لجارتها الجنوبية بالتوجه إلى مجلس الأمن الدولي، واستصدار قرار في غياب الاتحاد السوفياتي ينص على اتخاذ عقوبات عسكرية ضد كوريا الشمالية، فتشكلت وفق القرار قوة تتكون من 16 دولة للفصل بين الدولتين. وطالب الرئيس الأميركي في حينه هاري ترومان، قوات حلف شمال الأطلسي البحرية والجوية أن تهبّ لنصرة الكوريين الجنوبيين، وأن تحمي جزيرة تايوان من احتمال غزو شيوعي آخر، كما أمر القوات البرية الأميركية المقيمة في اليابان بالتوجه إلى كوريا الجنوبية. وتكوّن التحالف الذي حشدته أميركا بغطاء من الأمم المتحدة من أستراليا وبلجيكا ولوكسمبورغ وكندا وبريطانيا وكولومبيا وأثيوبيا واليونان وهولندا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا وتايلاند وتركيا، في حين بعثت الدانمارك والهند والسويد فرقا طبية. وقاد هذه القوات الجنرال الأميركي دوغلاس ماك آرثر الحاكم العسكري لليابان يومئذ. كان المخطط العسكري الكوري الشمالي صارمًا، فبعد خمسة أيام من الغـزو، هاجمت القوات الشمالية سيئول عاصمة كوريا الجنوبية محاصرة خصومها في قطاع أرضي ضيق حـول المدينة الساحلية “بوسان” في الجنوب الشرقي من شبه الجزيرة الكورية. جاء رد فعل الولايات المتحدة بعد شهرين ونصف، ففي 15 سبتمبر 1950 قام الجنرال الأميركي ماك آرثر بإنزال بحري خلف خطوط الدفاع الكورية الشمالية، وتحصنت قواته قرب إنشون وهي مدينة ساحلية في غرب كوريا الجنوبية وتبعد عن العاصمة سيئول نحو أربعين كيلومترًا غربًا. ولم يمضِ أسبوعان حتى تجلى النصر الأميركي على الكوريين الشماليين، فاستعيدت سيئول يوم 28 سبتمبر، وأُرغم الكوريون الشماليون في الثلاثين من الشهر نفسه على التراجع إلى حدود خط العرض 38. أمر الرئيس الأميركي هاري ترومان إيمانًا منه بضرورة التخلص من الشيوعيين الجنرال ماك آرثر وقواته، بتجاوز خط العرض 38، وتتبّع جيوش الكوريين الشماليين حتى إخراج آخر شيوعي من شبه الجزيرة الكورية. وفي 7 أكتوبر 1950 دخلت القوات الأممية تحت الزعامة الأميركية كوريا الشمالية واحتلت يوم 18 من الشهر نفسه بيونغ يانغ العاصمة، وبحلول الـ25 من ذلك الشهر وصلت بعض طلائع جيش الجنرال ماك آرثر إلى ضفاف نهر “يالو” الفاصل بين شبه الجزيرة الكورية والصين. عندها قررت الصين المشاركة في الحرب، فشنت هجوما شرسًا ضد الأميركيين وحلفائهم في معركة حاسمة تراجع على إثرها الأميركيون وحلفاؤهم، فاستغل الصينيون نجاحهم وطفقوا يهاجمون الأراضي الكورية. وكانت الظروف لصالح الجيش الصيني حيث كان البرد قارسًا ممّا تسبّب في إرهاق جنود الجنرال ماك آرثر وتشتيتهم، علمًا أنّ الجيش الصيني المهاجم بلغ عدد عناصره 340 ألف جندي، وكان يتمتع بتجهيز عسكري جيد. وبفضل الجيش الصيني المهاجم عادت بيونغ يانغ إلى الشيوعيين بعد سبعة أسابيع من الاحتلال الأميركي، أي يوم 4 ديسمبر 1950. وبعد شهر من ذلك أعاد الصينيون احتلال سيئول يوم 4 يناير 1951. إلّا أنّ الجيش الأميركي قام في الثامن من يوم 21 يناير 1951 بمـؤازرة القوات الأممية بهجوم كاسح على الجيش الصيني في كوريا الجنوبية خلال عـملية عرفت باسم “عملية كيلر”. وتمّت استعادة سيئول يوم 14 مارس من العام نفسه بعد الانسحاب الصيني منها، وظل الجيش الأميركي يزحف شمالا حتى وصل إلى خط العرض 38 وتجاوزه قليلًا في 22 أبريل 1951. وكان الجنرال ماك آرثر حريصًا على متابعة الهجوم العسكري فعُزل وعُين الجنرال ماثيو ريدغواي الذي كان أكثر اعتدالًا من سلفه، وهي إشارة أميركية إلى تغيير في الإستراتيجية وكانت أعداد الجيوش المحاربة في الأزمة الكورية كالآتي: الولايات المتحدة 260 ألف جندي – الأمم المتحدة 35 ألف جندي – كوريا الجنوبية 340 ألف جندي – كوريا الشمالية والصين مجتمعتين 865 ألف جندي.
2017 / نقلت وسائل إعلام يابانية وكورية أن الأجواء بالمحيط الهادي متوترة جدا، إذ تستعد جيوش الصين وكوريا الشمالية وأمريكا وكوريا الجنوبية واليابان لحرب دامية خلال ساعات، بسبب توعد كوريا الشمالية بمهاجمة جزيرة غوام الأمريكية، المتواجدة قرب سواحل اليابان. وحذرت وسائل الإعلام بالصين حكومة بلادها من دخول الحرب إذا انطلقت مطالبة إياها بالالتزام الحياد وعرض جيش كوريا الشمالية خطة تفصيلية لمهاجمة الجزيرة الأمريكية غوام في الساعات القليلة المقبلة، وهو ما دفع البحرية الأمريكية والطائرات العسكرية إلى إعلان حالة الطوارئ والاستعداد لرد أي عدوان. بدورها أكدت كوريا الجنوبية أن الجيش يوجد في حالة تأهب قصوى، تمهيدا لحرب “عالمية ثالثة” ستنطلق بالمنطقة. ورغم تحذيرات العالم، فإن التوتر بين كوريا الشمالية وأمريكا وكوريا الجنوبية واليابان، وصل إلى مستويات غير مسبوقة، ما يدفع نحو حرب جديدة بالمنطقة.