على قدر ما عزز الانقلاب الفاشل الماضي في تركيا الديمقراطية في هذا البلد، كشف النقاب عن الوجه الحقيقي لبلدان الاتحاد الأوروبي. بالنسبة لهؤلاء، الديمقراطية هي الدفاع عن مصالحهم التي تضمن سيادتهم، وحتى لو اضطر الامر العمل ضد القواعد المنظمة لها. بالتأكيد، وسرعة رد فعل أنصار أردوغان وموجة الاعتقالات التي تلت ذلك في صفوف الانقلابيين ، تجعلنا نتساءل . ولكن هذا لا يعطي سلطة التصرف عوض العدالة و التوصل إلى استنتاجات متسرعة.
فبالنسبة للاتحاد الأوروبي هذه الموجات من الاعتقالات،التي قد تجاوز 60 عددها ألف شخص، ليست سوى اجراء سياسي لتطهير المعسكر الخصم خارج أي رقابة قانونية. وحسب القادة الأوروبيين، فإن قائمة المعتقلين أو المستبعدين كانت قد أعدت سلفا،اي قبل قيام الانقلاب. إضافة إلى ذلك، فان هؤلاء القادة هددوا باغلاق أبواب الاتحاد الأوروبي، إذا كانت تركيا تنوي تنفيذ عقوبة الإعدام لمعاقبة قادة الانقلاب. “لا مكان في الاتحاد الأوروبي للبلد الذي ينفذ أحكام الإعدام”، صرحت مؤخرا حكومة ألمانيا. مشيرة إلى أن “أي عمل من قبل الجانب التركي لإعادة فرض عقوبة الإعدام يعني أن فرص الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لهذا البلد سوف تتبخر”
و منه فإن الاتحاد الأوروبي لم يستطع هضم فشل الانقلاب في تركيا. و الاف كيف يمكن تفسير كون القادة الأوروبيين جاءوا بموقف مثير للشكوك حول مدى صحة هذا الانقلاب عوض لجنة دولية للتحقيق! وبالمثل، كيف صرحوا بموقفهم حول عقوبة الإعدام في تركيا، في حين أن هذه مسألة ترجع لسيادة الشعب في هذا البلد. لماذا لم يجرؤوا على التكلم بهذه اللغة مع الولايات المتحدة، حيث ما زالت عقوبة الإعدام تطبق؟
هذا و يتضح ان الدفاع عن القيم الديمقراطية يتعني للاتحاد الأوروبي عدم السماح لبلد خارج مجاله بناء ديمقراطيته الخاصة والسير في وتيرة تصاعدية. والمثال الفلسطيني في هذه الحالة ليس بعيدا. حيث ان عشية الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، كان الاتحاد الأوروبي قد دعا إلى الشفافية في الانتخابات مؤكدا على احترام نتائج هذه الأخيرة. ولكن بمجرد أن كشفت استطلاعات الرأي عن وصول حركة حماس الفلسطينية في شفافية الى الحكم، عانى هذا الحزب من الحظر.
الآن، يبدو ان الديمقراطية التركية، التي خلال السنوات العشر الماضية قد ضاعف ثلاث مرات الناتج المحلي الإجمالي للبلد، برفعه من 300 مليار الى 1000 مليار دولار ، تقض مضجع القادة الأوروبيين .