أكدت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن النتائج التي حققها زعيم العمال جيرمي كوربين جعلت البلاد تتنفس الصعداء وتخرج من باب “التقشف”.
وقالت الصحيفة في مقالها :”كوربين ظهر بصورة جديدة، مليئا بالثقة بالنفس واللطف والتسامح تجاه المشككين، ويعطي شعورا بوجود أب جديد للبلد، وينتظر بهدوء صعوده إلى السلطة، عندما قابلته يوم الأحد شد على يدي، وبغمزة ووميض في عينيه شكرني على أشياء كتبتها”، مضيفة :”في الواقع حييت حملته الانتخابية، والتفاؤل، والبرنامج الذي لقي شعبية، لكني قبل ذلك كنت قد كتبت عن شكي العميق في مقدرته على تقريب حزب العمال من الفوز عندما كانت شعبيته بفارق عشرين نقطة عن الحزب الحاكم، وكان التحول في حظوظه مفاجئا وغير مسبوق”.
وواصلت الصحيفة البريطانية :”قد ينظر إلى الاستطلاعات على أنها أصبحت ليست أفضل من تنجيم سياسي، لكن النتائج الحقيقية للانتخابات المحلية قبل شهر من الانتخابات العامة، أظهرت تراجع العمال بـ11 نقطة، ولذلك ساد الخوف حزب العمال، والآن فإن أعضاء البرلمان العماليين بعد جهودهم الشخصية مدينون لكوربين، الذي حرك شريحة الشباب للتصويت، وكثير منهم كانوا من المصوتين الجدد”، معلقة :”أصبح الفوز قاب قوسين أو أدنى، فتحالف تيريزا ماي مع الحزب الاتحادي الديمقراطي هش، وقد ينهار في أي لحظة، بالإضافة إلى أن فيروس البريكسيت قتل قيادات المحافظين كلها، منذ مارغريت ثاتشر، ولا يزال متفشيا في حزبها، لكن صحيفة (صن) قالت إن عدد أعضاء البرلمان الذين يريدون خروجا لينا من الاتحاد الأوروبي هم الأغلبية (ويقصد بالخروج اللين، البقاء في السوق المشتركة)”.
وأفادت كاتبة التقرير وهي الصحيفة بولي توينبي:” “علينا توقع خطاب قصير للملكة؛ لقلة الأمور التي يمكن الاتفاق عليها: فمعظم البنود على (أسوأ برنامج انتخابي في التاريخ) محكوم عليها بالفشل، وهناك شماتة يمكن الاستمتاع بها، فمثلا مع غياب الأغلبية، فإن ما يسمى تقليد ساليزباري حيث يوافق مجلس اللوردات على ما يرد في البرنامج الانتخابي للحكومة لن يتم تطبيقه”، مضيفة :”إحداث تغييرات في حدود الدوائر الانتخابية لضمان هيمنة المحافظين هو أيضا غير ممكن؛ لأنه يحتاج إلى تشريع يلغي حوالي 50 دائرة انتخابية، معظمها عمالية، لكن سيتأثر أيضا بعض النواب المحافظين، الذين لن يدعموا حكومتهم في المشروع، أما الحزب الاتحادي الديمقراطي فلن يوافق على خسارة مقاعده في إيرلندا الشمالية، ولن يكون البرلمان كثير الانشغال، خاصة أن أعضاء الحزب الاتحادي الديمقراطي لا يحضرون إلا يوم الثلاثاء ظهرا، ويغادرون يوم الأربعاء مساء”.
ولفتت “الغارديان” :”كوربين حقق من الاحترام والمصداقية ما أسس لمنطقية تقلده رئاسة الوزراء، وفي المحصلة ما فعلته (صن) و(ديلي ميل) هو أنهما قدمتا خدمة لكوربين، عن طريق النبش عن كل الاتهامات ضده، ومع ذلك فشلتا في تخويف المصوتين من التصويت له، وعلى العكس فقد أحبطت تلك الصحف نفسها، فلن تفيدها في المستقبل العودة إلى الملفات الخاسرة ذاتها مرة أخرى”، مشددة :”هذا كوربين في أسبوعه الأول، رجل مجدد ومنقذ للشباب والكبار من سلاسل التقشف، ووصف نفسه في برنامج أندرو مار بأنه (أكرم الناس في العالم)، ولكن يجب أن تسكن هذه الروح فريقه أيضا، ولإظهار تسامحه يمكنه احتضان معارضيه في الحزب، بالتسامح معهم، وإبداء القبول لهم، بالإضافة إلى أن ظهور حزب العمال موحدا ومحتفيا سيكون بعكس حزب المحافظين، الذي أصبح في حالة فوضى”.