اعتبرت صحيفة “فورين أفيرز” أن عددا قليلا من الناس توقعوا أن يقرر دونالد ترامب الرئيس الأمريكي بالرد على الضربة الكيماوية التي قام بها الأسد على شعبه في مجزرة خان شيخون، وذلك في ضربة عسكرية مباشرة عبر 59 صاروخ.
وقال كاتب المقال :” من الواضح أن ذلك الرد كان دون تخطيط استراتيجي أو نتيجة مرغوبة للحرب التي تستعر الآن منذ سبع سنوات في سوريا، وليس واضحا الآن ما إذا كان سيتبع تلك الضربة فعل آخر، أم إن أمريكا سترد بالأسلوب ذاته على هجوم كيماوي مستقبلي. ونتيجة عدم اليقين هذا فإن نهاية الحرب لن تكون قريبة”، مضيفا :” ضرب مطار الشعيرات، الذي تضمن إطلاق 59 صاروخ (توماهوك)، جاء بعد أن تتبع الجيش الأمريكي الطائرات السورية التي نفذت الهجوم على البلدة التي يسيطر عليها الثوار في محافظة إدلب الشمالية، وعادت إلى تلك القاعدة، وكان رد الفعل السوري والروسي، وهو الداعم الرئيسي لنظام الأسد، منتقدا للغاية”.
وعلق التقرير على هذا الأمر بالقول :” في الوقت ذاته فإن ميزان القوى على الأرض في سوريا لم يتغير، عدا عن كون الأسد حصل على محفز جديد ليثبت أنه قادر تماما على ضرب معارضيه، ومع أنه أصبح هناك ما يردعه عن القيام بهجوم كيماوي جديد، إلا أن النظام يحتاج ليثبت أنه لا يزال مسيطرا، وغالبا فإن النظام يعتقد بأن الهجمات بالأسلحة التقليدية لن تؤدي إلى رد فعل قوي من إدارة ترامب، ولذلك يتوقع سقوط المزيد من البراميل المتفجرة على رؤوس الشعب السوري، ما دام من غير الواضح إن كانت أمريكا ستضرب القوات السورية، أو تعود إلى الدبلوماسية، أو تعود إلى ما كان الحال عليه سابقا”، مؤكدا :” حتى إذا كانت الضربة العسكرية رادعا أكبر، فإنه تم إلغاء أثرها مباشرة بفشل إدارة ترامب في توضيح استراتيجية معينة بنت عليها تلك الضربة، فمثلا لو حددت إدارة ترامب معيارا لتوجيه ضربات لاحقة، وأوحت باستعدادها لجهود دبلوماسية لإعادة الهدنة على مستوى سوريا، وضغطت على روسيا لإخضاع الأسد، فإن الأثر الردعي للضربة سيكون مضاعفا، وفي غياب الخطط الاستراتيجية الواضحة، وكون المسؤولين الروس اعتبروا الهجوم مجرد ردة فعل عابرة، فإنه يتوقع أن يكون قد تم ردع نظام الأسد نوعا ما، لكن ليس لفترة طويلة، والأهم من ذلك هو أن روسيا لم يتم ردعها تماما عن استخدام الأسلحة التقليدية ضد قوات المعارضة والمدنيين على حد سواء”.
وواصلت الجريدة الأمريكية ذائعة الصيت :” المقامرة الأمريكية في ضوء عدم إحداث تغيير حقيقي على الأرض لنظام الأسد ستؤثر سلبا على الحملة ضد تنظيم الدولة، بدأ بروسيا، وربما تنتقل إلى تركيا، فروسيا، التي تدعم الأسد، انتقدت الضربة بشدة، ونقل متحدث باسم الكرملين عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إعلانه بأن الضربة كانت (صفعة كبيرة) للعلاقات الروسية الأمريكية، وجاءت الضربة بعد انتقادات لاذعة لروسيا من وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، وبعد أن تسببت سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، بأزمة كبيرة في العلاقة مع روسيا، ولهذا توقف التعاون بين البلدين تجنبا للصدام، حيث ألغت روسيا تعاونها في تنسيق الطيران فوق سوريا، بالإضافة إلى أنها ألغت التعاون الدبلوماسي فيما يتعلق بسوريا، ولا يوجد هناك ما يشير إلى أن تيلرسون سيستغل زيارته لموسكو للضغط على روسيا في الشأن السوري”.
وختمت الصحيفة تقريرها بالقول :” إلى الآن تقول الإدارة بأنه لا تغير في سياستها تجاه سوريا، لكن إن لم تقم الولايات المتحدة باتباع الضربة بإجراأت أخرى فلن تتغير استراتيجيات روسيا ولا سوريا ولا استراتيجية أي عدو أو صديق في المنطقة، وأثبت استخدام سوريا للأسلحة الكيماوية بأنه اختبار كبير لسياسة ترامب الخارجية، وواضح أنه لم ينجح فيه، وتبدو الضربة لسوريا سياسية أكثر منها استراتيجية، ولهذا السبب ليس من المتوقع أن تتحقق مصالح الولايات المتحدة في سوريا، أو أن توصل الحرب إلى نهاية أقرب”.