منذ إعلان بوتفليقة ترشحه وحتى يومنا هذا ما زالت المظاهرات تملآ ساحات العاصمة وجميع الولايات في وسط وغرب البلاد ولا يمر يوم من دون أن نسمع ضجيجها ونرى فرسانها يجولون على صفحات الفيسبوك مرددين مطالبهم برحيل بوتفليقة وبالإصلاح ومحاربة الفساد واستبعاد الفاسدين إلا أن أيا من هذه المطالب لن ينفذ وستظل المظاهرات على أشدها و تلوك شعاراتها من دون جدوى !اعتقد أن من خططوا لهذه المظاهرات لم يقرأوا تاريخ الجزائر الحديث ولو كانوا فعلوا ذلك ما أظنهم كانوا سينضمونها أو حتى يحضرونها.
فالجزائريون لم يعودوا كما هم في السبعينيات وثمانينيات القرن الماضي فرجال هذا الزمان الذي وصل فيه بوتفليقة والقايد صالح وقبلهم جنرال توفيق إلى الحكم اقل همة ممن سبقوهم وأكثر لا مبالاة أيضا ورجال هذا الزمان اتكاليون ومتكاسلون ولا يزجوا أنفسهم في معارك السياسة التي تنتهي بمتصدريها إلى الموت أو السجن المؤبد في أحسن الأحوال!!! وتلك تضحية لم تعد في حسابهم كما كان يفعل السابقون فرجال المظاهرات اليوم يكتفون بالتنديد والاستنكار والشجب من دون أن يركبوا المركب الصعب ويواجهوا الحكام بجدية وبوسائل سلمية متاحة ومن بينها الإعتصمات والإضرابات وقد عرف الجنرالات عدم جدية المتظاهرين فتعامل معهم بلا مبالاة لأنهم يدركون ما سيصلون إليه بالنهاية وهو: اليأس والملل ولهذا لم يكترثوا للمظاهرات الأمس رغم أن أعداد المتظاهرين كانت كبيرة ومع هذا الإهمال فقد تتراجع مطالبات المتظاهرين في الأيام القادمة من الإصلاح و استبعاد الفاسدين إلى التمني عليهم بالعدول عن قرار ترشيح بوتفليقة… نعم الجنرالات رحبوا بالمظاهرات في أيامها الأولى ولم يكن قصدهم من ذلك نزيها فكل ما أرادوه منها هو إرعاب خصومهم السياسيين فان لم تستطع تلك المظاهرات إرعابهم سيتخلون عنها ويصطفون مع خصومهم ضدها وسيأتون بفاسدين لإشغال وظائف من استبعدوهم في أيام المظاهرات …وها هم مسترخيين و مطمئنين إلى بقائهم في السلطة ولن تعد مظاهرات الجمعة تقلقهم بعد أن تلقوا النصح من الإمارات العارفة بكل ما يجري في ساحات التظاهر اعتقد أن ما ذهب إليه الجنرالات وغيرهم من السياسيين من عدم اكتراث بالمظاهرات والمتظاهرين لأنهم توقعوها مجرد فورة وليست ثــورة وكان هذا التوقع يستند إلى أن الجزائري لا يعدو كونه ظاهرة صوتية لا خوف منها ويمكن معالجتها بالإهمال وعدم الاكتراث وأنها حتى وان طال عمرها ألا إنها ستتلاشى لان وراءها شعب يريد أن يضحي غيره ليعطيه ما يريد وهو على التل يتفرج !!وإذا ما كان الجزائريون فعلا وصدق يريدون الإصلاح ومحاربة الفساد فان عليهم أن يفعلوا ما فعله الشعب الأوكراني حين حمل المواطنون حكامهم على أكتافهم ومن بينهم رئيس الوزراء وكبار المسؤولين الفاسدين ورموا بهم في المزابل ..وإذا ما أعاد الجزائريون هذه التجربة فسيهرب الفاسدون قبل أن ينتهوا إلى هذا المصير الأسود!!.