تواجه اليوم بلادنا أعظم التحديات الاقتصادية منذ الحرب الأهلية التي دارت في تسعينيات القرن الماضي حيث أدت تداعيات انخفاض أسعار النفط إلى ضعف الاقتصاد المحلي وترجم هذا التقلص في عائدات الصادرات عجزا في الحساب الجاري وما زاد الوضع سوءا هو تراجع الإنتاج المحلي لموارد الطاقة كالنفط والغاز والسبب يعود إلى ضعف القاعدة المؤسساتية للدولة واعتمادها على اقتصاد الريع وهذا ما جعلها تلتفت إلى كنز اسمه الجالية الجزائرية بالخارج.
الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج تساهم بشكل نوعي في دعم الاقتصاد الوطني وتشير التقديرات إلى أن أكثر من ثمانية ملايين من جزائريو الداخل يعيشون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من هذه التحويلات كما تشكل تحويلات الجزائريين المقيمين بالخارج بالنسبة للبلاد المصدر الثاني لدخول العملة الصعبة من بعد مداخيل البترول والغاز. و بهذا يساهم جزائريو العالم بشكل نوعي في دعم الاقتصاد الوطني وتنشيط الدورة الاقتصادية مع تغطية أكثر من 38٪ من العجز التجاري خلال السنوات الأخيرة حيث أن حجم تحويلاتهم المالية عرفت نموا مهما خلال العقدين الأخيرين حيث انتقلت من 20 مليار دينار سنة 1990 إلى 66.3 مليار دينار سنة 2012 أي بارتفاع ما نسبته 3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام وتتركز استثمارات الجالية الجزائرية في قطاع العقار بما يناهز 41 بالمائة من مجموع التحويلات في حين لا تتعدى الاستثمارات في المشاريع الاقتصادية المنتجة نسبة 14 بالمائة وكانت تحويلات المهاجرين الجزائريين المقيمين بالخارج قد ارتفعت من 34 مليار دينار في سنة 2003 إلى 47 مليار دينار في 2006 و إلى أكثر من 55 مليار دينار في 2007 لتتراجع إلى 53 مليار دينار في سنة 2008 وإلى 50.2 مليار دينار في سنة 2009 وإذا كانت التحويلات في اتجاه الجزائر قد عرفت ارتفاعا ملحوظا فإن وكالات تحويل الأموال قد تضاعف عددها كذلك إذ أنه إلى جانب الوكالات التي تحاول خلق موطئ قدم لها في السوق عن طريق التخفيضات المهمة على كل التحويلات هناك أيضا بعض الشركات الرائدة في هذا القطاع التي تحاول اختبار السوق الجزائرية.
ولكي نعرف لماذا أرادت الحكومة أن تهتم اكتر بجزائريي الخارج لان الجزائر ببساطة تأتي في المرتبة السادسة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في مجال تحويل المهاجرين للأموال بعد كل من اليمن (3.4 مليار دولار) والأردن (‘4.4 مليار دولار) المغرب (7 مليار دولار) ولبنان (8 مليار دولار) وتأتي مصر في المرتبة الأولى بفارق كبير جدا بنحو 20 مليار دولار.