إن الكذب السياسي هو اخطر أنواع الكذب لأنه يعمد إلى تضليل الأمة بأكملها ولا يقتصر على أفراد أو جماعات معينة. والأخطر من ذلك أن يستمر الكذاب في كذبه ويجد تبريرا له فقد أصبح السياسي الناجح هو من يتقن فن الكذب بمختلف أشكاله وأنماطه ولدرجة أن السوق السياسي هو سوق الكذابين بامتياز ويكون التنافس بين السياسيين على أساس من يعرض بضاعة جيدة من الكذب الذي ينتجه فالبضاعة الجيدة تطرد البضاعة الرديئة وهكذا دواليك.
ورغم أن السياسيين في بلادنا كانوا ينتظرون منا أن نصدق كلامهم ولكن سنة 2018 فضحت كذبهم فهي سنة الفضيحة بامتياز في كشف عورة البنية التحتية الهشة والمغشوشة وهو ما يعزز العقلية الفاسدة التي تسير البلاد من أجل نهب أموال وخيرات الشعب بدلا من خدمته والعمل على تأمين عيشه. فقد كانت الفيضانات الأخيرة وتساقط الثلوج والتي راح ضحيتها مواطنون إلى جانب الخسائر الكبيرة على مستوى البنية التحتية والمرافق العمومية والممتلكات الخاصة خير شاهد على ذلك.فلا يُرى فصل الشتاء ببلادنا دون خلوه من مشاهد طبيعية بين مسابح وبرك مائية هنا وهناك وحركات مرورية مشلولة في الشوارع فكلما ارتفع مستوى المياه التي تضيق بها بالوعات المياه تتعرقل حركة السير ويحاصر المواطنون بين الشوارع والأزقة وتغمر المياه السيارات ولا يظهر منها إلا جزؤها العلوي وبيوت الفقراء في الأحياء الشعبية تغزوها الفيضانات وتتلف محتوياتها… وهذا يعيد الحديث القديم المتجدد كل عام حول جدية من بيدهم الأمر في معالجة هذا الملف الذي يعتبر من أهم الملفات العاجلة التي تتحفظ عليها الدولة في أرشيفها الغاص بأمثاله.هذا الوضع صار مشهدا يتكرر من ولاية إلى أخرى كلما تساقطت أمطار الخير فالبنية التحتية الهشة وما تسببه من كوارث لا تحرك في السلطات المسؤولة ذرة من حجم المسؤولية المنوطة بها لإتخاذ الإجراءات والتدابير العاجلة والضرورية من أجل حماية المواطن. وكل ذلك يؤكد بالملموس الفساد الذي يطال تدبير البنى التحتية للمدن فلا يكاد يمر على الأوراش والإصلاحات التي تخضع لها إلا شهور قليلة حتى تنكشف عورتها ويفتضح عجز الدولة عن توفير آليات لاستيعاب الصعوبات التي تواجهها. فالعديد من الشركات التي فوضت لها الدولة أمر تدبير قطاعي الماء والكهرباء وإنشاء الطرق وبناء السكنات أصبحت تشكل رمزا لفشل سياسة التدبير المفوض وصار همها جني الأرباح من غير أن تفي بالتزاماتها ورغم الإخفاقات المتوالية في تحقيق التزاماتها فالدولة تغض الطرف عنها مما يجعلها شريكا لها في فشلها وفسادها. إن هذا النمط من تدبير الخدمات العمومية الذي يفضح معالجة الدولة لملفاتها هو عبارة عن نهب مقنن في غياب تنزيل حقيقي لشعارات الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد وهو عنوان واحد من عدة عناوين لانسحاب الدولة من تدبير الخدمات العمومية وفشلها في الوفاء بالتزاماتها إزاء مواطنيها.
وفي خضم هذه الفضائح للبنية التحتية يتساءل المواطنون ما السبب الذي جعل المسؤولون ببلادنا يقلون أن الجزائر أفضل من السويد السبب بسيط إخواني ففي السويد المسؤولون يحاسبون على سنتيم واحد أين صرفوه بينما في بلادنا المسؤول يسرقون الملايير دون حسيب أو رقيب لذلك من حقهم أن يقولوا بلادنا أفضل من السويد.