معروف أن قواعد اللعبة السياسية لا تعرف الثبات وتتغير متى ما سنحت لها المعطيات وهذا بطبيعة الحال ينتهي بتموضع جديد للاعبين السياسيين فالسياسة هي فن الممكن و ليست المرونة والبراغماتية فعلى أي حال إذا تغير موقف دولة ما إزاء قضية معينة فهذا لا يعد خطأ أو تجاوزا بل هو من حقوقها المشروعة ويعكس بجلاء قدرتها في التعاطي السياسي. الإشكالية تكمن في حالة التصلب الفكري والجمود السياسي لنظام بلادنا بعبارة أخرى تمسكه بموقفه إزاء العديد من القضايا على الدوام رغم تغير الظروف والمعطيات ما يجعله أمرا لا يمت للسياسة بصلة بل هو في الحقيقة عقم في التفكير السياسي لأن تغير المواقف السياسية أمر متصور ومقبول في العمل السياسي.
هذه أمثلة على اللعبة السياسية وسياسة شد الحبل. فبينما استبعدت الحكومة الفرنسية وقوع اضطرابات سياسية بالجزائر بسبب الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد فقد قالت ناتالي لوازو الوزيرة المكلفة بالشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية الفرنسية بأن ما يثار عن احتمال حدوث هزات سياسية في الجزائر هي بمثابة افتراضات غير محتملة وذالك في ردها على تساؤلات أثارها نائب بالبرلمان الفرنسي قبل أيام حول ماذا ستفعله فرنسا إزاء التطورات السياسية في الجزائر مع احتمال رحيل الرئيس بوتفليقة عن الحكم . حيث تساءل النائب الفرنسي جون لاسال والمرشح السابق للرئاسيات الفرنسية عن واقع ومستقبل العلاقة بين باريس والجزائر في سؤال وجهه للوزير الأول الفرنسي حيث دعاه إلى تقديم توضيحات حول تطورات الوضع في الجزائر مع تزايد الحديث عن الوضع الصحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وقال النائب الفرنسي أن هناك وجود اتفاق بين الرئيس بوتفليقة والجيش بعد وصول بوتفليقة إلى الحكم في 1999 ويقضى الاتفاق أن يؤول الحكم في الجزائر إلى العسكر بعد نهاية فترة حكم بوتفليقة وأضاف إن الوضع السياسي والاقتصادي للجزائر صعب وان الكثير من الجزائريين بالآلاف هاجروا البلاد في الفترة الأخيرة للإقامة في دول أوروبية على غرار اسبانيا وإيطاليا وفرنسا وتوقع أن يزداد الوضع سوءا إذا ما وقعت الجزائر بين أيادي غير أمينة وسيكون لهذا الأمر عواقب لفرنسا وجيرانها ويمكن أن يشهد البحر المتوسط موجات للمهاجرين القادمين من الجزائر بشكل لم يعرف له مثيل.
أما اللعبة السياسية في بلادنا فقد حذّر رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله من صراع فكري ومعرفي قد يكون دموي. وقال جاب الله معلقا على القرارات الأخيرة في مجال المنظومة التربوية النظام عمل على وجود ثقافتين متناقضتين ومتصارعتين واحدة منهما إسلامية الروح وعربية اللسان والأخرى فرنسية الروح وفرنسية اللسان.وتساءل جاب الله لماذا إذن الثورة ولماذا مات 10 ملايين من الشهداء منذ الاحتلال الفرنسي بشهادة مؤرخيهم هل من أجل أن يذهب جون وبول وديغول ويأتي جزائري وتبقى فرنسا بلسانها وثقافتها في الجزائر…” ؟ انتهى الكلام ليرد الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس ويقول للمنساقين مع كلام جاب الله كَالْمَا كَالْمَا فالعهدة الخامسة ليس في الأجندة حاليا ودعا (مناضلي) الأفلان إلى عدم الحديث عن العهدة الخامسة قائلا ممنوع منعا باتا الحديث عن العهدة الخامسة وسيأتي الوقت الذي سنتحدث في ذلك.
في بلادنا السياسة عبارة عن تبادل الأدوار في الترغيب والترهيب وتشتيت فكر الشعب حول مطالبه الحقيقية.