أصبحت ظاهرة الأمهات العازبات مثار قلق في مجتمعنا وإشكالية عويصة أثارت جدلا كبيرا لدى الجزائريين فقد استطاعت الجمعيات والرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن يخرجوها من نطاق الطابو أو المسكوت عنه متجاوزا كل الخطوط الحمراء وكل هذا في سبيل إيجاد حلول لها أو حتى التقليص منها فعوض أن نعالج الظاهرة في أوانها نجد أنفسنا أمام تراكمات يصعب حلها فليس عيبا أن نعترف بمظاهر الخلل في مجتمعاتنا وإنما العيب هو أن نغطي عليها ونتركها تنخر عظام المجتمع وتستفحل يوما عن يوم.
فما يلاحظ في السنوات الأخيرة هو انتشار ظاهرة الأم العازية أو ما يسمى أيضا بالأمومة دون زواج وهي مسألة غريبة عن مجتمعنا ذي المرجعية الإسلامية التي تجعل من كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة خارج إطار مؤسسة الزواج أمرا غير مقبول ومجتمعيا تصبح المرأة مثار شك وريبة وتظل وصمة عار تلحقها طول حياتها وتجعلها تعيش وأقاربها تحت وطأة الضغط الاجتماعي . وقد كشفت دراسة حول الأمهات العازبات بالجزائر أن المؤشرات المتعلقة بالتخلي الأمهات عن أطفالهن تشير إلى أن 9520 طفلا تم التخلي عنهم سنة 2011 أي بمعدل 26 طفل في كل يوم وأن 38 في المائة منهم تم التخلي عنهم بطريقة غير قانونية أي حوالي 3829 طفل. وخطورة هذه الظاهرة لا تنحصر فقط بما يلحق بالمرأة من الضرار بل يتعداها إلى الابن ذلك أن الأمهات اللاتي ينجبن أطفالا غير شرعيين يبحثن عن أية وسيلة للتخلص من هذا المولود فقد يكون عن طريق التخلي عنهم وتركهم أمام المساجد ودور الرعاية وللأسف في بعض الأحيان إلى قتلهم ورميهم في حاويات القمامة كما أصبحنا نسمع في كثير من الأحيان. فمن رحم مأساة الأمهات العازبات تخرج مآسي الأطفال المتخلى عنهم والمشردين وغيرها من الظواهر الاجتماعية التي لم تنفع مجهودات الجمعيات الحقوقية في التخفيف من حدتها ووقعها على المجتمع برمته في غياب إرادة سياسية حقيقية لإخراج قوانين صارمة تقطع مع عهد التسامح مع المغتصبين والتغرير بالقاصرات خاصة فئة خادمات البيوت.
يصعب ضبط الظاهرة وإخراجها من مربع الطابو لتصبح موضوعا قابلا للنقاش في مكان وزمان محددين يصعب إحصاء عدد الأمهات العازبات في الجزائر نتيجة تناسل آلاف الحالات سنويا خاصة أن آلاف الحالات تنضاف إلى سابقاتها ومنها التي لا تلجأ إلى خدمات الجمعيات الحقوقية رغم أنه يتّم تسجيل في كل سنة أزيد من 5000 أم عازبة.