ذهب سلال رجع شكيب بقي اويحيى كل هذا لا يهم لأن من يحكم الجزائر هو صندوق النقد الدولي وفي بلادنا يرتبط اسم صندوق النقد الدولي بالمآسي والمعاناة التي عاش تحت رحمتها المواطنين منذ بداية تسعينيات القرن الماضي على خلفية الأزمة الاقتصادية في عام 1986 إثر انهيار أسعار النفط ما دفع الجزائر إلى اعتماد إجراءات قاسية جداً منها تخفيض قيمة الدينار أكثر من 40 في المائة من قيمته وتآكل القدرة الشرائية للمواطن ناهيك عن فقدان أكثر من 600 ألف عامل وظائفهم عقب إغلاق المؤسسات أو خصخصة بعضها وما لحق ذلك من أزمة أمنية خلفت أكثر من 200 ألف قتيل.
فكل ما ذكرناه في الأعلى نراه اليوم فالعجز المالي لا يمكن تغطيته بالمداخيل المحلية خصوصاً مع انخفاض أسعار النفط وانهيار قيمة الدينار و إجمالي ما يمكن أن تجنيه الجزائر من الأموال المحلية لا يتجاوز الـ 14 مليار دولار كأقصى تقدير مما يبقي العجز مستمراً ولهذا توجهت البلاد إلى الاستدانة بطريقة سرية من صندوق النقد الدولي وبعض المصارف الأجنبية والبنك الأفريقي للتنمية لذلك البنك الدولي وصندوق النقد يتدخلان في سياسات الدول الاقتصادية والاجتماعية بهدف تصحيح بعضها التي يروها سياسات عرجاء من منظورهم. فلو كانت الحكومة تمتلك الرغبة برفض تدخل الهيئات الاقتصادية الدولية في سياساتها لصرفت خلال السنوات الخمسة عشر الماضية الأموال المتحصل عليها من النفط البالغة 1300 مليار دولار بطريقة معقولة إلى أن 1000 مليار دولار التي سرقت جعلت الجزائر أكثر تبعية للاقتصادات الخارجية فبعدما كنا تابعين بنحو 13 مليار دولار سنوياً من الاحتياجات الداخلية زاد الرقم إلى 60 مليار دولار سنوياً فجميع المعطيات تدل إذا بقينا على هذا الحال فإنه بعد 24 شهراً أو أقل بكثير سيكون الحركي مجبرين على اختلاق عشرية سوداء جديدة لمواجهة احتجاجات الشعب والمحافظة على كراسيهم.
الجزائر لا تستخدم مواردها بالشكل الصحيح بسبب الفساد المالي والإداري وسوء الإدارة بالإضافة إلى تردي الأوضاع الأمنية والضعف الاستراتيجي وسرقات الحركي لخيرات البلاد مهدت لسيطرت صندوق النقد الدولي على اقتصاد وشرايين البلاد وذلك من خلال فرض شروط تجبر الحكومة على تطبيقها بالرغم من أنها تهلك المواطنين وخاصة الفقراء.