نحن لا نساوي شيء عند المسؤولين وهذا ما يفسره هذا السؤال لم لا تزال الطرق بالجزائر تقتل بكل هذه البشاعة؟ فقط لقي 3.120 شخص حتفهم وأصيب 31.540 آخرون إثر وقوع 21.670 حادث مرور على المستوى الوطني خلال العشرة أشهر الأولى من سنة 2017 حسب حصيلة قدمها المركز الوطني للوقاية والأمن عبر الطرق.
عدد القتلى الذين يسقطون باستمرار على الطرق يكشف بوضوح جلي أن البلاد تخوض فعلا حربا شرسة لا تختلف كثيرا عن حروب أخرى تقع في مناطق مختلفة من العالم وإن كانت الحرب المغربية صامتة وغير معلنة. والإحصائيات الرسمية تؤكد هذه الحقيقة سنويا يسقط زهاء 55289 شخصا ضحية حوادث السير بينهم 3822 قتيلا و84905 من الجرحى وبلغة الأرقام دائما تقع يوميا 151 حادثة سير تخلف 11 قتيلا و232 جريحا دون الحديث طبعا عن أعداد المعاقين واليتامى والأرامل بسبب غياب إحصائيات في هذا المجال وحجم الخسائر في هذه الحرب الاستنزافية لا يظل حبيس ما هو بشري فقط بل يطال الأمر ما هو اقتصادي أيضا إذ تكشف الإحصائيات أن حرب الطرق تكلف الجزائر سنويا 140 مليار دينار أي ما يعادل 2.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام للبلاد. وهي نسبة تتجاوز ميزانية وزارة الصحة. رغم فداحة هاته الخسائر لا تزال الحكومة عاجزة عن إيجاد آلية لإيقاف النزيف المتواصل لحرب الطرقات إذ ظلت كل التدابير المتخذة وكذا الحملات التحسيسية والتواصلية غير قادرة عن وضع نهاية لهاته الحرب وحتى مدونة المخالفات وجنح المرور التي راهنت عليها كثيرا حكومة لم تفلح إذ أن عدد القتلى ارتفع في السنة التي طبقت فيها مدونة مخالفات وجنح المرور فبعد حوالي 7 سنوات من دخولها حيز التنفيذ لا تزال حرب الطرقات متواصلة وإن خفت حدتها قليلا. لكن هذا لا ينفي أن المسؤولين عن القطاع لا يزالون عاجزين عن تأسيس رؤية واضحة لإخراج البلاد من مستنقع حرب الطرق وتحديد الجهات المسؤولة عما يحدث من مآس في الطرق وإن كانت الجهات الرسمية تركز بالأساس على العنصر البشري كعامل رئيس في حدوث هاته الفجائع إذ يشير المركز الوطني للوقاية والأمن عبر الطرق بأصابع الاتهام مباشرة إلى الراجلين والسائقين باعتبارهم المسؤولين المباشرين عن حوادث السير فهو يعزو الأسباب الرئيسية المؤدية إلى وقوع هذه الحوادث إلى عدم انتباه الراجلين وأيضا عدم انتباه السائقين وعدم احترامهم حق الأسبقية وعدم احترام علامة قف والسرعة المفرطة وتغيير الاتجاه بدون إشارة والسير في الاتجاه الممنوع والتجاوز المعيب وعدم احترام الضوء الأحمر. فسلوك السائقين يساهم في الزيادة في عدد حوادث السير وكشفت التقارير أن 28 في المائة من سائقي العربات الخفيفة في المدار الحضري لا يستعملون حزام السلامة وأن 9 في المائة لا يتوقفون عند الضوء الأحمر وأن 21 في المائة من سائقي الدراجات لا يضعون الخوذة الواقية وأن 94 في المائة من مستعملي الطريق لا يحترمون علامة قف .
بمعدل 10 قتلى في اليوم متى يتوقف هذا النزيف متى تقوم الدولة بالدور المنوط بها وتضع إستراتيجية مدروسة لوضع حد لهذه الحرب.