قال عباس محمود العقاد إذا سُئلنا هل السياسيون منافقون ؟ فالجواب أن نصيبهم من النفاق على قدر نصيب الشعوب التي يحكمونها التي تعيش الجهل والغفلة وإيثار المصلحة العاجلة وقلَّة الخبرة بمعترك السياسة الشعبية وأن النفاق لا يمتنع في الشعوب بمجرد اليقظة والارتقاء فإنها قد تُبتلى بالمنافقين والمحتالين وقد تُمتحَن بالمساومات والوعود ولكن الفرق بينها وبين الشعوب الغافلة لم تختبر ضروب السياسة أن النفاق عند الشعوب الواعية لا يطول فلا يلبث أن يؤول بأصحابه إلى شرِّ مآل وأنه في الشعوب الغافلة يطول ويتمادى ويكفل لأصحابه الغلبةَ على ذوي الصدق والاستقامة .
تسعى الدول بشكل عام للإصلاح وتحسين الحالة التنموية والمعيشية لمواطنيها وتسعى للنهوض الرامي إلى التقدم والتطور وغالباً ما تكون الدول ممثلة بالقائمين بفعل التطور وإن كان حسب ظروف الدول أيّ كانت ومواردها وإمكاناتها ولكن سرعان ما تأتي العقبات المتعددة الأوجه لتقف في وجهها فتمنعها من أي تحقيق تقدم فعلي على أرض الواقع ولعل أهم الأسباب في ذلك طبقة المنافقين السياسيين الذين يملئون الدنيا بخطاباتهم الهادفة لتحقيق مصالحهم الشخصية من الأعلى وهنا يقع المجتمع بشكل عام في ورطة النفاق السياسي فالمنافقين السياسيين لا يختلفون عن المنافقين دينياً الذين دخلوا الدين تستراً لتحقيق مكاسب ضيقة وكذالك شركائهم في السياسة فهم في سبيل تحقيق طموحاتهم ومصالحهم مستعدين للعق وتقبيل حذاء أصاحب القرار(كلنا مع العهدة الخامسة) وهذا كله على حساب الصادقين من الأذكياء وأصحاب المشاريع السياسية لتطوير وارتقاء الدول وهنا نرى أحزاب التي تصم آذاننا خلال الحملات الانتخابية بصراخ والنباح أنها تخدم مصالح المواطن ولكن على واقع هي تخدم مصالح من يسرق البلاد فكيف نفسر قرار اللجنة المالية بالمجلس الشعبي الوطني التي يسيطر عليها الأفلان بإلغاء الضريبة على صحاب الشكارة التي تضمنها مشروع قانون المالية لسنة 2018 حيث ثم إسقاط مقترح الحكومة فرض ضريبة على الثروة في الجزائر بسبب أن الأغلبية المطلقة لأعضاء اللجنة صوّتوا لصالح إلغاء المادة المقترحة من قبل وزارة المالية لهذا السياسيون عندنا منافقون بالفطرة متلونون كالحرباء ويمارسون الكذب كرياضة وأنكى من ذلك أنهم يعتقدون أنفسهم أذكى الناس وأقدرهم على استغباء الرأي العام وتوظيف الإعلام واستبدال المعاطف وتغيير البندقية من كتف إلى كتف حسب تغير مواقع الأهداف.
يعتقد هؤلاء الساسة وعلى رأسهم ولد عباس و أويحيى أن البراغماتية في السياسة تعني النفاق والكذب على الناس إذ يمكن أن تقنع الشعب بأنك مصلح وتريد محاربة الفساد وأنك تحتاج صوته لكي تقوم بهذه المهمة وعندما ينخدع الشعب ويمنحك صوته تأتي وتقول له إن الشعب هو الفاسد الأكبر ويجب أن يبدأ التغيير من نفسه أولا.