لا أحد ينكر أن البلد يعاني وضعاً اقتصادياً صعباً بل إن المسؤولين لا يتوقفون عن التأكيد على ضرورة حل الأزمة الاقتصادية ولو بإجراءات صعبة. ولا يمكن لأحد أن يجادل في أن أسعار السلع الأساسية تتصاعد وأن الغلاء يكوي البسطاء وأن الدولة تعاني نقصاً حاداً في الموارد وندرة بالغة في العملات الصعبة ما زاد من وطأة الحياة على المواطنين ولهذا أغرقت السلطة المواطنين بدعاية لما سمتها مشاريع عملاقة روّجت لها باعتبارها ستنتشل البلاد من حالة التدهور الاقتصادي لكن ما تحقق منها لم يؤت ثماره المرجوة فضلا عن أخرى لم تُنفذ من الأساس.
هذه الأيام تروج الصحافة الصفراء لزيارة الرئيس الفرنسي ماكرون وتدشينه للمشروع العملاق مصنع بيجو لكن الذي لا يعرفه المواطنين أن هذا المصنع سيكون على شاكلة مصنع طحكوت والذي قبل شهور تداول رواد شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك صورا مسربة هذا المصنع والذي يوجد بتيارت حيث تظهر الصور وجود حاويات مليئة بمختلف نماذج سيارات هيونداي المسوقة على أنها صنعت بالجزائر وهي في وضعية شبه جاهزة لا تنقصها سوى العجلات لتسير بشكل عادي في حين تظهر المستودع المخصص للتركيب فارغا يكاد يخلو من أي تجهيزات وتكنولوجيات حديثة تسهم في مساعدة العمال خلال عمليات تجميعهم لأجزاء المركبات ما يعطي انطباعا بأن المصنع لم يكن سوى واجهة لإدارة عمليات الاستيراد وفق ما تداوله عديد النشطاء بعد الحصول على امتيازات عقارية وإعفاءات ضريبية وجبائية بالجملة. وقد أثارت صور سيارات هيونداي سخط واستهجان المواطنين ومستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي إذ تحدث البعض بلهجة سخرية وازدراء من تفشي الفساد وتلاعب المستثمرين بالأموال العمومية ليتساءل أحد الفايسبوكيين أين هي المشاريع الصناعية الكبرى التي لطالما افتخر بها مسؤولو الحكومة؟ ليقول آخر هكذا تنجز المشاريع العملاقة في بلادنا (القوة الإقليمية).. فبقدرة قادر يتحول مصنع عملاق لتركيب السيارات إلى ورشة مصغرة لتركيب العجلات فقط ليرد عليه آخر في خضم استفادة معظم وكلاء السيارات من امتيازات ضريبية وجبائية بالجملة خلال إنجازهم لمصانع تجميع المركبات في الجزائر اليوم تأكدت أن مشاريع تركيب السيارات في بلادنا ما هي إلا “خديعة” يمارسها بعض رجال الأعمال لاستيراد مركبات جاهزة.. يتم دمجها بوسم صنعت في بلادي ليتم تسويقها بعدها بأسعار مضاعفة عن سعرها الحقيقي المتداول في أسواق الدول الأجنبية.
مصنع بيجو ما هو إلا “خديعة” يمارسها بعض رجال الأعمال والسلطة لبيع الوهم للمواطن وربح الملايير تحت شعار صنعت في بلادي والرئيس الفرنسي ما هو إلا وجه إعلامي تم تعاقد معه لإعطاء مصداقية لمصنع بيجو تماما كما تفعل الشركات لتبيع منتوجها عندما تتعاقد مع احد الوجوه البارزة.