أكثر الأسئلة الفضولية التي تخطر ببالنا عندما نفكر بالنظام المالي في الدولة هو طالما أن الدولة هي صاحبة السلطة ولديها مطابع الأموال أو تطبع عند دول أخرى فلماذا لا تطبع الدولة الكثير من المال ونصبح كلنا أغنياء؟ والجواب ببساطة لأنك لو أصبحت مليارديراً ولديك جبال من الأموال لن تجد من يزرع الخضروات ولا من ينقلها ولا من يبيعها لك لن تجد من يصلح لك سيارتك ولا يحلق شعرك لأن الجميع ببساطة أصبحوا مليارديرات وليسوا بحاجة للعمل الذي يدر عليهم المال بالتالي تتعطل الحياة هذا تفسير غير علمي وبسيط أما التفسير العلمي فهو التضخم تحديداً التضخم الجامح أي مستويات جنونية من التضخم.
عندما تكون ميزانية الدولة بحالة عجز أي مصاريفها أكثر من إيراداتها فإن هناك عدة حلول للتخلص من العجز ولكن الدول المتخلفة تختار الحل الأسهل والأخطر هو ما يعرف بالتمويل بالعجز أي طباعة أموال بقيمة العجز وضخها في الاقتصاد وهنا يحدث التضخم وهذا ناجم عن ارتفاع عرض النقود بالاقتصاد أي زيادة كمية المتاح منها بالتالي يصبح في يد الناس المزيد من الأموال كورق لكن بنفس القيمة السابقة وبالتالي يطلب البائعون المزيد من النقود كورق لكن بنفس القيمة السابقة لقاء نفس بيع نفس السلعة لنقل ارتفع معدل التضخم في بلد وأصبحت الـ 1000 من العملة قيمتها الفعلية 800 هذا يعني أن السلعة التي كنت تشتريها بـ 800 أصبحت تشتريها بـ 1000. ولو كانت معدلات التضخم جنونية فإنك تجد نفسك تدفع مبالغ طائلة نظرياً وذلك ليس بسبب غلاء السلعة إنما بسبب انخفاض قيمة عملتك و من يعيش في سوريا تحديداً الآن وسابقاً العراق وربما دول أخرى مثل ليبيا جرب هذه النقطة بنفسه وهنا رسالة إلى الشياتة ففي كل مرة ننتقد النظام يخرجون علينا هل تريدون أن نصبح مثل سوريا الأن أيها الشيات النظام هو من يريد أن يجعلنا مثل سوريا لأن طباعة النقود دون أن يكون لها غطاء يؤدي إلى نتيجة أساسية واحدة هي ارتفاع الأسعار حيث يزيد المعروض النقدي دون أن يقابله زيادة موازية في السلع والخدمات هذه هي النتيجة الأساسية ولكن يوجد أثار سلبية أخرى على الاقتصاد ككل قد تؤدي إلى انهيار العملة بالكلية ومن ثم انهيار الاقتصاد ككل وذلك إن فقد الناس ثقتهم في العملة وذلك عندما تحدث موجة من التشاؤم تؤدي إلى أن يقوم الناس بالتخلص مما لديهم من هذه العملة وشراء عملات أجنبية والذي يؤدي إلى مزيد من انخفاض قيمتها والذي يؤدي في النهاية إلى انهيار قيمتها ومن ثم الانهيار الاقتصادي وهذا ما يحدث الان فالجميع يشتري العملة الصعبة. وعلى الجانب الأخر فإن طباعة المزيد من النقود قد يكون أحد أدوات السياسة الاقتصادية لإنعاش الاقتصاد والحث على زيادة الإنتاج وتستخدم هذه الأداة فقط عندما يكون الاقتصاد في حالة نمو وليس في ركود حيث تكون النقود بمثابة دماء جديدة تضخ في شرايين الاقتصاد القومي مما تؤدي إلى انتعاشه. حيث في هذه الحالة يؤدي طباعة المزيد من النقود إلى خفض الأسعار ومن ثم إقبال أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار في هذا البلد لرخص أسعاره فيزيد الإنتاج تبعاً لذلك. وبزيادة الإنتاج يزيد المعروض من السلع والخدمات مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار مرة أخرى.
إذا فشلت عملية طباعة النقود ببلادنا سنرى الأطفال في الشوارع يلعبون بأكوام العملة والناس في جبال أوراس تحرق أوراق النقود لأن ذلك سيعطيها دفئ أكثر مما لو اشترت بها مازوت ويصبح المواطنون يرمون أوراق العملة في الطريق ويتم كنسها لأن الاحتفاظ بها يكلف أكثر من قيمتها والحكومة ستطبع فئات كبيرة جداً من العملة لأن سعر بيضة مثلاً أصبح مليار سنتيم وأنت بحاجة لشاحنة من النقود لتشتري بيضة سنقتل بعضنا ونرجع الى طريقة العيش بالقرون الوسطى لنحل مشاكلنا عن طريق المقايضة.