تعيش البلاد أرقا اجتماعيا يقلق راحة المجتمع و يخلق توترا في بنيته الداخلية، و ينغص عليه الاستقرار الاجتماعي، و أصبح هذا الأرق الاجتماعي و السخط الاجتماعي يتخذ أشكالا تعبيرية غير مسبوقة بتطور أشكال الاحتجاج و التعبير عن عمق الأزمة بقطع الطرقات و شن الإضربات، كما حصل مؤخرا عندما قام تجار العبادلة ببشار بقطع الطريق الوطنية رقم 6 احتجاجا على غلاء فواتير الكهرباء.
و الملاحظ أن أغلب الأشكال الإحتجاجية لها أبعادا اجتماعية صرفة و لم تتطور إلى أبعاد سياسية إلى حدود الآن، ليبقى المجتمع يعبر عن احتياجاته بمعزل عن الإطارات الحزبية و النقابية و الجمعوية، و هذا أخطر بكثير من الاحتجاجات التي تكون مؤطرة سياسيا و نقابيا و جمعويا، ففي هذا السياق قد أوردت قيادة الدرك الوطني حصيلة تحمل بين طياتها عمق الأزمة الاجتماعية لأول مرة في تاريخها كما تداولت بعض وسائل الإعلام تقول أن : “المواطنين لايزالون يعبّرون عن سخطهم احتجاجا على مطالبهم ذات الطابع الاجتماعي المرتبطة بحياتهم اليومية، إما باللجوء إلى التجمع عبر الطرقات والشوارع، أو شن الإضرابات”، و هذا التشخيص سياقه هو حصيلة نشاطات وحداتها خلال الثلاثي الثاني من السنة الجارية، و هو أدق تعبير عن الغليان الشعبي و تفاقم المشاكل الاجتماعية.
و فصلت الحصيلة أكثر في هذه المشاكل الاجتماعية قائلة : “احتجاج الجبهة الاجتماعية مرتبط أساسا بالصعوبات التي تواجه المواطنين في الحصول على مناصب شغل، السكن، التزود بالمياه الصالحة للشرب، الربط بخطوط الكهرباء، وتحسين ظروف المعيشة بصفة عامة”، كما أضافت الحصيلة أنه : “رغم التراجع الملحوظ المسجل، الوضعية الاجتماعية تبقى يطغى عليها تكرار الاحتجاجات ذات الطابع الاجتماعي، المتعلقة أساسا بتعبيد الطرقات والماء الشروب والنقل المدرسي وتوزيع السكنات الاجتماعية”.
نستنتج من هذه المعطيات أن النضج المجتمعي في التعبير عن احتياجاته وصل إلى درجة تجاوزت التعبير السياسي و النقابي و الجمعوي، و أصبح المجتمع هو الذي يؤطر قضاياه الاجتماعية و يحاول إيجاد حلول ناجعة لها، مما يطرح فرضيات تطور هذه الأشكال التعبيرية من ما هو احتجاجي عفوي و بسيط و مؤطر إلى ما هو احتجاجي غير مؤطر و مركب، هذا سيجعلنا أمام موجات اجتماعية عنيفة يمكن الركوب عليها في أي لحظة إذا لم ننتبه إلى خطورة تطور الاحتجاج كآلية لتحقيق مطالب معينة كما يحصل الآن، فمازالت المطالب اجتماعية صرفة لها علاقة بالسكن و الشغل و الماء و الكهرباء و النقل و التمدرس و تحسين الظروف الاجتماعية.
فإذا تطور هذا الاحتجاج إلى ما هو سياسي سيصبح المجتمع في مهب الريح و سننتقل من سلمية الاحتجاج إلى العنف و العنف المضاد خصوصا أن جذوة الربيع العربي لم تهدأ بعد إقليميا و جهويا و دوليا