لا يختلف عاقلان في توصيف واقع التعسف والتهميش وهدر الكفاءات الشابة الذي يميز واقعنا الجزائري عموما وتؤكده حالات اليأس والإحباط التي تعيشها هذه الفئة المهمة من المجتمع كما تؤكده الإحصاءات المفجعة التي تبين الارتفاع المهول لنسب البطالة والتهميش والإجرام وهدر حقوق الشباب في الوسط المجتمعي…
واقع يزداد سوء وقتامة مع سياسة الموت البطيء التي ينهجها الجنرالات اتجاه الشباب حيث يصبح التهميش أعمق والحرمان أفجع كما ينضاف إلى الفقر الذي هو قدر الله وقضاءه المحتوم هموم أخرى سببها فشل سياسة الجنرالات وتماطلهم في ملف الشباب بمختلف شرائحهم وإن التوصيف الحقيقي لواقع الشباب لا يخرج عن أمرين اثنين: يتجلى الأولى في الشريحة الأولى التي لم تلج إلى التعليم ولم تفتح المدرسة العمومية أبوابها لهم نتيجة غياب سياسة واضحة للدولة في مجال إدماج أبناء الطبقة الفقيرة في التعليم فهذه الفئة الأولى من الشباب وفي ظل واقع الأمية والجهل تبقى حبيسة الفقر المدقع والبطالة في غياب إعانة الدولة وانعدام التغطية الصحية وغيرها من ضروريات الحياة مما يدفع هذه الشريحة من المجتمع في مثل هذه الظروف إلى امتهان التسول أو السرقة أو الانسحاب من المجتمع ككل وانتظار النهاية فيما يشبه موتا بطيئا أما الفئة الثانية وإن كان مصيرها يشابه إلى حد بعيد مصير الفئة الأولى فإن وضعها يختلف بحيث تجد عيّنة من الشباب طبقة المتوسطة والذي كافح وناضل وتحدى سياسة التهميش ومعها كل العقبات وواصل دراسته لأبعد المستويات وحاز أعلى الدرجات والميزات بمختلف التخصصات المعرفية ليجد نفسه في الأخير رهين البطالة والحرمان ويتعرض لأبشع أنواع القمع والبطش والعنف المادي والمعنوي حين يخرج مطالبا بحقه في الشغل والعيش الكريم وفي الأخير تتفق الفئة الأولى والثانية على فكرة واحدة وهي الهجرة غير الشرعية وعدم مواجهة الجنرالات بسبب الخوف.