الرجال تعرف الرجال وحسن الخاتمة من جنازة الشيخ عباس مدني رغم انه عاش في المنفى لكنه بقي في قلوب الكثيرين حيث شارك مئات الاف في تشييعه في مظهر تقشعر لها الأبدان… وكان جثمان الزعيم التاريخي والشيخ المجاهد الدكتور عباسي مدني قد وصل السبت إلى مطار العاصمة هواري بو مدين حيث كان في استقباله حشود من المواطنين قدموا من مختلف مناطق الوطن قدرها البعض بمليون شخص حيث وجد الموكب الجنائزي صعوبات بالغة في المرور عبر تلك الحشود لدرجة أن أعوان الحماية المدنية إستعصى عليهم حتى إخراج الجثمان من سيارة الإسعاف و هو ما تطلب إخراج النعش و حمله على الأكتاف وسط تدافع لا يطاق من طرف المواطنين الذين أرادوا إلقاء النظرة الأخيرة على الفقيد بأعداد لا يمكن التحكم فيها…
مليونية المشاركين في جنازة الشيخ عباس مدني تحمل رسائل كثيرة لنظام الجنرالات ولمن يهمه الأمر من الدول الأجنبية والمتربصة (كالأمارات وفرنسا)بأن الأحزاب الإسلامية في الجزائر وعلى رأسها “جبهة الإنقاذ” قادرة على أن تكون في مستوى النتائج التي حققها كل من حزب العدالة والتنمية بالمغرب وحزب النهضة في تونس وأنهم يؤمنون بالعملية الديمقراطية بكامل حزمتها وأنهم يريدون أن يزيلوا كافة الشكوك التي تحوم حولهم كما يدعون جميع مكونات الشعب الجزائري إلى قراءة عميقة للتجربة التونسية والمغربية التي تسير بأمان إلى حدود الساعة… لكن ما هي الرسائل التي يريد حزب “جبهة الإنقاذ” بعثها من خلال الجنازة؟ وهل يريد هذا الحزب القوي الدي لا يتمتع بالشرعية القانونية أن يقول للفاعلين في الدولة وفي المجتمع أنه يؤمن في العمق بجوهر التغيير السلمي وبما تأتي به صناديق الاقتراع وهي الذي اتخذ موقفاً وطالب بمقاطعة الانتخابات الرئاسية قبل تنحي بوتفليقة وليس صعبا قراءة ما بين سطور مليونية المشاركة في جنازة الشيخ عباس مدني فالجبهة تؤكد الإيمان باحترام إرادة الناخبين من خلال انتخابات نزيهة وشفافة ومن جهة ثانية ترسل إشارة إلى استعداد الحزب لقبوله بصناديق الاقتراع وبالتعددية السياسية وبالعمل مع كفة التجارب والتوجهات والمشارب ومن الدروس التي يستخلصها حزب “جبهة الإنقاذ” أن المشاركة القوية في السلطة تتحقق متى كانت الانتخابات فعلا حقيقية تفضي إلى مؤسسات حقيقية وتؤدي إلى تداول حقيقي للسلطة والدرس الآخر هو تأكيدها على النضج الكبير في صفوف الإسلاميين هذا النضج الذي لا يريد أن يقرّ به البعض إما جهلا أو تحاملا أو إتباعا لدول الصهيونية التي تعادي الإسلام.