تطرقت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في تقرير لها للجهاديين الاسلاميين الناشطين في النيجر، بعد حادثة قتل جنود أمريكيين في كمين نصبه الاسلاميون بمدينة تونغو تونغو الشهر الماضي.
وأفاد التقرير :” المتطرفون الاسلاميون كانوا يتمتعون بنفوذ جيد في هذه القرية الحدودية قبل وصول الجنود الأمريكيين”، موضحا :” السبب الرئيسي لنفوذ هؤلاء المتطرفين في القرية هو أن هذه القرية تقع في منطقة قاحلة تهملها الدولة، فأصبح المتطرفون فجأة هم المانحون والموظفون والزبائن وقوة الشرطة غير الرسمية، بحسب سكان القرية، لافتا إلى أن المتطرفين اشتروا الماعز والبقر وحاجياتهم من السوق، وأعطوا طعاما للمزارعين، الذين فشلت مزروعاتهم، وجندوا الشباب العاطلين بتقديم الدراجات النارية والمال، وقاموا بالقبض على اللصوص، وعاقبوا مهربي المخدرات، وفي المقابل فإنهم توقعوا الحصول على الولاء”.
وتابعت الصحيفة نقلا عن زعيم القرية مونكايلا ألاساني الذي صرح قائلا :” الحكومة لا تستطيع حمايتنا، وهذا هو سبب تعاوننا مع الجهاديين”، لافتة :” هناك تحقيق أمريكيا في الكمين الذي تسبب بمقتل الجنود الأمريكيين الأربعة بالإضافة إلى خمسة جنود نيجيريين في 4 أكتوبر، مشيرا إلى أنه لا بد من الإجابة عن السؤال عما إذا كان لدى الجنود سلاح كاف، وإن قام الجيش بإجراء تقدير للمخاطرة”، موردة عن الكاتب قوله :” من الواضح أن الفريق التابع للجيش الأمريكي كان يعمل في منطقة يتعاطف فيها الكثير من القرويين مع المتطرفين، أو يكرهون على مساعدتهم، وليس واضحا إن كان الجنود على وعي بالتهديد، مشيرا إلى أنه “قد يثبت للقوات الأمريكية التي تدعم جيش النيجر بأن من الصعب كسر تلك العلاقة بين القرويين والمقاتلين”.
ووضحت “واشنطن بوست” :”تلك العلاقة هي نتاج عوامل عدة، من ضمنها الفقر وتغير المناخ والصراعات القبلية والإثنية، بالإضافة إلى أن هناك غيابا للسلطة في المناطق الحدودية الطويلة مع مالي وبوركينا فاسو ونيجيريا، كما أن قوات الأمن في المنطقة تفتقر إلى الأسلحة والمعدات اللازمة”، منوهة :” هناك حوالي 800 جندي أمريكي في البلد الذي يعد أفقر البلدان، معظمهم من قوات النخبة، وكانوا قد بدأوا بالوصول عام 2012، عندما قام الطوارق بثورة انفصالية، وسيطروا على شمال مالي، لافتا إلى أن تنظيم القاعدة والمتطرفين الآخرين اختطفوا بسرعة تلك الثورة، وهو ما تسبب بنشوء مجموعات متطرفة في غرب أفريقيا وشمالها”.
وأكد التقرير الأمريكي :” الحرب الأهلية التي تدور في ليبيا ساعدت في الأزمة، مشيرة إلى أن النيجر بلد محاط ببلدان تنشط فيها المجموعات المتطرفة، مثل تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة”، موردة عن غاري أمادو، المحلل السياسي والصحفي في النيجر قوله :” نحن في وسط النار، وألسنة اللهب في كل مكان”، فيما رأى نكاندا إينوسا ألسنة اللهب تلك تدمر مجتمعة ببطء، فعلى مدى العقدين الماضيين توسعت الصحراء، وأكلت مناطق زراعية، ولم يكن هناك مطر منتظم، وتآكل التراب حتى أنه لا يستطيع امتصاص الماء، وكل عام تقل الحبوب ويتناقص الطعام”.
وأشارت الصحيفة الأمريكية :” معظم الجنود الذين نشروا على الحدود بين مالي والنيجر لا يعرفون لغة قبيلة فلاني، ولذلك فإن التواصل بين الأطراف قليل، ويقول أبو بكار، الذي يرأس اتحاد مربي المواشي في شمال منطقة تيلابري، حيث تقع قرية تونغو تونغو: “المشكلة أن الجيش لا يثق بالمجتمع والمجتمع لا يثق بالجيش.. ومعظم الوقت يتهم الجيش قبيلة فلاني بمساعدة المجموعات المتطرفة”، موضحة :”الفقر ينتشر في تونغو تونغو انتشارا واسعا، وليس هناك سوى القليل من الأمل بين المواطنين في الحصول على مساعدات من السلطات، بحسب ألاساني، زعيم القرية: “إن الحكومة لا تأتي حتى لترانا أو لتسأل كيف حال أبنائنا، هل صحتهم جيدة ويذهبون للمدارس”، ناقلة في الختام قول نائب زعيم القرية إنيووسا :” “إذا استمر الفقر، ونقص المواد الغذائية، ولم تقم الحكومة وحلفاؤها بفعل شيء، فإن الإرهابيين سيقومون بتجنيد شبابنا كلهم”.