أسباب المزاجية
إن التغيّرات الواضحة والقوية في المزاج تحدث بشكل خاص في أول سنوات المراهقة، حيث تكون قدرة الشخص على السيطرة على مشاعره مرتبطة بالتغيّرات الحاصلة في جسده في هذه المرحلة، أي بداية التحوّل من الطفولة إلى الشباب. إلى جانب ذلك، يبدأ الشاب أو الصبية في هذه الفترة باختبار المشاعر الجديدة بشكل خاص تجاه الجنس الآخر، ونعني بذلك الإعجاب أو الحب الأول، الإنفصال الأول، والبحث عن الهوية، كما وتبرز الصراعات مع الأهل حول حرية التصرّف والتحرّك.
بعد مرور هذه المرحلة، ونتيجة للاختبارات الكثيرة والصراعات التي يمر بها المراهق، يبدأ هذا الأخير بالتحوّل إلى شخص ناضج، يتقن التعامل مع مشاعره، ويبدأ بتعلم الطرق الصحيحة لمعالجة المستجدات الحاصلة في حياته، كما يصبح قادراً على فهم ردّات فعل أهله بشكل أوضح، وعلى التعايش مع وضعه الجديد كشخص مشرف على سن النضوج، حيث يجب عليه أن ينتقل من حالة “التبعية للأهل” والعائلة إلى “تحمّل المسؤوليات” الحياتية والإستقلال المادي.
ولكن متى تصبح هذه التقلبات المزاجية مثيرة للقلق؟
على الأهل أن يكونوا متفهّمين لتغيّرات المزاج عند ولدهم ومتعايشين معها لمساعدته على اجتياز مرحلة المراهقة، ولكن إذا لم يتدنَّ مستوى هذه التقلبات في أواخر العقد الثاني من عمره، أي قبل بداية العشرينات، هنا من واجب الأهل أن يفكروا ملياً في الموضوع ويأخذوه على محمل الجد. التصرّف الذي ينصح به الباحثون هنا هو أن يحاول الأهل الحفاظ على هدوئهم، أن يستمعوا باهتمام كلي إلى مخاوف ولدهم وأفكاره ومناقشته حولها كشخص ناضج، على أمل أن يلاحظوا ركوداً في ردّات فعله وتصرفاته. ولكن إذا لم يتحسّن الوضع، هنا من الممكن أن يبدأ القلق على حالة الشاب أو الصبية النفسي، ويجب التوجّه نحو طلب المساعدة من الإختصاصيين.
في الخلاصة، إن تقلبات المزاج عند المراهقين هي أمر طبيعي، والتواصل بين “أهل المراهقين” بين العائلات المختلفة وتبادل الخبرات فيما بينهم يبقى شيئاً مفيداً للتعامل مع أبنائهم. ثم تذكروا… كلنا كنّا مراهقين في يوم من الأيام..!