لا يمكن الحديث عن الضاحية الجنوبية دون الحديث عن القوى الشيعية التي تحكم هذه المنطقة، على اعتبار أنها المعقل الأساسي لحزب الله البناني.
وقالت صحيفة “البايس” الاسبانية في تقرير لها :” الضاحية تحولت إلى منطقة محرمة بالنسبة للكثير من اللبنانيين الذين لا يجرؤون على المخاطرة وخوض مغامرة في شوارعها. وفي هذه الضواحي الواقعة جنوب بيروت، تتنافس إعلانات العلامات التجارية الكبرى على غرار “إتش أم” أو “زارا”، مع الملصقات والبوسترات التي تذكر بأسماء “شهداء” حزب الله”، موضحا :” هذه الملصقات القديمة تؤرخ أسماء عناصر حزب الله الذين لقوا حتفهم خلال القتال في جنوب البلاد، خلال غزو الجيش الإسرائيلي لها بين سنة 1982 وسنة 2000. كما تذكر بأسماء أولئك الذين توفوا خلال الحرب الأخيرة التي خاضها حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي، التي يعود تاريخها إلى سنة 2006. أما الملصقات الحديثة، فتحمل أسماء ضحايا حزب الله الذين توفوا في سوريا خلال قتالهم في صف بشار الأسد، والذين يقدر عددهم بنحو ألفي شخص”.
وواصلت الصحيفة ذاتها :” منطقة الضاحية شهدت العديد من التحولات الجذرية، شأنها شأن حزب الله، الذي نشأ في سنة 1982، من أجل التصدي للغزاة الإسرائيليين في لبنان. ومنذ سنة 2011، تاريخ اندلاع الصراع السوري، أصبح حزب الله جهة فاعلة في ثلاث جبهات قتال. وإلى جانب إمكانية نشوب حرب ضد إسرائيل في الجنوب، يشارك حزب الله في الحرب السورية، كما يدافع عن الأراضي اللبنانية التي يحدق بها خطر الهجمات الإرهابية”، مبررة :” للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود، تحول عناصر حزب الله من مجرد الدفاع عن الحدود اللبنانية إلى المشاركة في معارك إقليمية. في المقابل، تتناقض مواقف سكان منطقة الضاحية وتتباين بين المؤيد والمعارض لهذا الدور الجديد الذي تبناه حزب الله في الفترة الأخير”.
ونقلت الصحيفة عن بعض المؤيدين لحزب الله قولهم :” نحن خائفون من تضاعف عدد الضحايا في صفوفه، ولجوء “الحزب المليشيا” إلى تجنيد الشباب من صغار السن. أما الطبقة البورجوازية الشيعية فلهم أسباب أخرى لمناهضة الدور الجديد لعناصر حزب الله، ألا وهي حالة عدم الاستقرار التي خلقتها “المغامرات العسكرية” لحزب الله خارج لبنان، والتي باتت بمنزلة عائق أمام تجارتهم”، فيما قال محمد سعيد الخنساء، عمدة بلدية الغبيري السابق قوله :” قبل الحرب الأهلية في لبنان، كانت منطقة الضاحية ذات أغلبية مسيحية”. وأضاف الخنساء أنه “خلال هذا الصراع، أصبحت المنطقة ملجأ للشيعة والفلسطينيين الفارين من الصراعات والمجازر الطائفية. وفي وقتنا الحالي، أصبح 95 بالمائة من سكان المنطقة من الشيعة”.
وعلقت “الباييس” على هذه التصريحات بالقول :” مليشيا حزب الله في لبنان تعد جزأ من الكتلة السياسية التي تحكم البلاد، فضلا عن أنها تمتلك مقعدين في البرلمان. ومن بين 65 ألف مقاتل، وفضلا عن مجموعة من المليشيات المسلحة، هناك ثلة من الخبازين والمسؤولين ورجال البنوك الذين يعززون صفوف حزب الله”، مبينة :” شيعة لبنان الذين يكونون دولة داخل الدولة، هم سلاح تحت تصرف حزب الله، خاصة بعد أن تمكن من دفع هذه المجموعة، التي تمثل نسبة حوالي 30 بالمائة من بين 4.5 مليون ساكن في المنطقة، للمشاركة في الحياة السياسية اللبنانية. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع الشيعة اليوم بحق النقض فيما يتعلق بالقرارات الوطنية، في حين يملكون في قبضتهم أهم المليشيات في المنطقة بأسرها، مع العلم أنها مسلحة بشكل أفضل حتى من الجيش اللبناني نفسه”.