تساءلت صحيفة “الغارديان” عن سر التقارب الآن بين كل من المملكة العربية السعودية راعية الوهابية في العالم، والعراق الذي أصبح وبشكل شبه رسمي في حضن إيران، الدولة الشيعية رقم واحد في العالم.
وقال التقرير الذي نشرته الصحيفة البريطانية :” العراق والسعودية يبحثان تشكيل تحالف جديد، يعطي السعودية دورا رئيسيا في إعادة إعمار المدن والبلدات التي دمرت في أثناء الحرب ضد تنظيم الدولة، فيما يقدم لبغداد المصداقية في المنطقة”، مذكرة :” المباحثات الجارية منذ ستة أشهر، ركزت على محاولة إبعاد العراق عن جارته القوية ومنافسة السعودية القديمة إيران، التي زاد تأثيرها على الشؤون العراقية بشكل كبير منذ الإطاحة بصدام حسين في عام 2003″.
وأفادت الصحيفة :” النظرة للعراق والسعودية ظلت على أنهما في صفين مختلفين، إلا أن زيارة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر للسعودية، ورحلته التي تبعتها إلى الإمارات العربية المتحدة، أسهمت في ذوبان الجليد في العلاقات التي تحسنت بسبب الزيارات، التي قامت بها وفود على مستويات عالية من البلدين”، لافتة :” مقتدى الصدر أدى دورا في الحرب الطائفية التي ضربت العراق في الفترة ما بين 2004/2008، وله علاقات طويلة مع إيران، مستدركا بأن وصوله إلى الرياض يعبر عن مستوى جديد من التواصل الذي قد يؤدي إلى أداء الرياض دورا في إعادة الإعمار، خاصة المدن السنية التي دمرت في أثناء الحرب مع تنظيم الدولة، وهي الموصل والفلوجة والرمادي وتكريت”.
ونقل التقرير عن سعد الجبري، الوزير السعودي السابق قوله :” هذه خطوة مهمة لإعادة العراق إلى الصف العربي، ودعمه للحصول على أصدقاء شركاء لتحقيق هذا الأمر”، ويضيف الجبري: “هذا يقتضي الحد من محاولات طهران المستمرة للسيطرة على العراق ونشر الطائفية، فتواصل واسع بين الرياض وبغداد سيؤدي إلى تعزيز الدعم الإقليمي للعراق، خاصة من دول الخليج، وهذا مهم، خاصة بعد السيطرة على الموصل من تنظيم الدولة، وبحث العراق عن طرق لإعادة الإعمار الوطني”، منوها :” المدن السنية في العراق عانت من أسوأ الأوضاع بسبب الحرب التي مضى عليها ثلاثة أعوام، وأدت إلى طرد تنظيم الدولة منها، لافتة إلى أنه لم يعد للتنظيم ذلك التأثير الكبير، وأصبح وجوده منحصرا في بعض البلدات المنتشرة في شمال غرب البلاد، وبعض القرى في محافظة الأنبار”.
وأفادت “الغارديان”:إعمار العراق والمدن السنية الأربع يحتاج إلى حوالي 100 مليارات دولار، مشيرا إلى أنه مع تحضير العراق للانتخابات الوطنية في بداية العام المقبل، فإن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ومقتدى الصدر أكدا أن معالجة مظلومية السنة، يجب أن تكون جزأ مركزيا في خطط إعادة الإعمار”، لتنقل تعليق الجبري الذي قال :” من الجيد الملاحظة أن زيارة الصدر لها جانب عملي قاد إلى آثار مباشرة، من إعادة فتح المعابر الحدودية، ودعم النازحين في بلادهم لإمكانية تعيين سفير جديد، وفتح قنصلية في النجف”، ويضيف: “هناك ملامح واضحة عن وجود رغبة قوية لخلق علاقة استراتيجية بين البلدين، تعود بالنفع عليهما”.
وختمت الصحيفة بالقول :” العلاقات السعودية العراقية ظلت مقطوعة لمدة 25 عاما، حتى العودة غير الموفقة للسفير السعودي عام 2015، التي أدت إلى سلسلة من الحملات القاسية، التي اتهمت السعودية بدعم التمرد في العراق وإثارة الفوضى في المنطقة”، قبل أن تستدرك بالقول :” العام الماضي شهد تحسنا في العلاقات، وزيارة للعبادي والرئيس فؤاد معصوم للرياض، حيث يقول مدير مركز الفكر السياسي في بغداد إحسان الشمري: “هذه بداية جديدة، وصفحة جديدة من العلاقات العراقية السعودية”، ويضيف الشمري: “كانت العلاقات متوترة في الماضي، خاصة خلال فترة المالكي، إلا أن السعوديين وجدوا في العبادي شخصية سياسية غير طائفية، وهم مستعدون للعمل معا، ولم يعودوا يركزون على الخلاف الشيعي السني، ويريد العراق العودة إلى الصف العربي، ونافذة العالم العربي هي السعودية”.