أدخلوه بسرعة للطبيب كي يكشف عليه فيما بقيت أنا يمزقني الألم و الخوف .. أيا رب لا توجعني به .. أيا رب إني لا أحتمل و الله .. خذني يا رب و احفظه هو .. خذني يا رب فليس لي في الدنيا أحد .. و لكن هو له زوجة و عائلة و .. خذني يا رب و احفظه .. يا رب كيف أعيش من دونه .. يا رب … يا رب .. يا رب لا تحرمني منه ..
دعوت الله حينها بيقين لم أدعه به من قبل ..
توجه نحوي الشابان و استأذناني للذهاب فشكرتهما ، ثم سألني أحدهما ..
– هل هو قريبك يا آنسة ؟
لم أعرف بما أرد عليه .. بما أخبرهم يا إياد .. من أنت يا إياد .. أأنت قريب أم غريب .. أأخبرهم أنك كنت يوما صديق طفولتي و شريكي في لعبتي أم أخبرهم أنك كنت خطيبي و حبيبي و كدت تكون زوجي و أب أولادي .. أم أخبرهم أنك لم تكن سوى زميل دراسة ثم أصبحت زميل عمل .. أم أخبرهم أنك أنا يا أنا ..
تأخرت في الرد فشعر الشاب بالإحراج و ودعني و انصرف .. و رحمني من وجع الجواب ..
خرج الطبيب فجريت نحوه بلهفة .,
– طمئيني يا دكتور .. هل هو بخير ؟ ما به ؟ مما يشكو ؟
– لن أخفي عنك شيئا .. حالته متأخرة جدا و يحتاج لزرع كلية .,
– كلية ؟
– نعم .. و إلى أن نجد متبرعا .. فسيكون مصيره بين يدي الله .. أستأذنك ..
وقفت مصدومة .. إياد كان مريضا و لم يخبرني ..لم لم تخبرني يا إياد .. لم أخفيت عني .. لم .. لحقت بالدكتور بسرعة و قلت له ..
– أنا .. أنا يا دكتور .. أنا أريد أن أتبرع .. كيف ؟
– حسنا .. حسنا .. عليك أولا إجراء بعض التحاليل كي نتأكد من أنك تستطيعين التبرع و بعدها نتوكل على الله ..
– حسنا .. أنا مستعدة ..
فكرت أن أتصل بليلى .. يجب أن أخبره عائلته .. إنه حقهم .. يجب أن يعلم أخوه أحمد، و يجب أن تعلم السمراء .. إنها زوجته .. و من .. من حقها أن تعلم .. لكني نسيت هاتفي بالبيت .. فبحث عن هاتف إياد بين حاجياته و اتصلت بهم و دخلت إليه .. رأيته ممددا على السرير الأبيض و جسمه موصول بالمحاليل .. جلست قربه و كدت أن أمسح العرق المتصبب من وجهه ، لكني تراجعت فحتى هذا ليس من حقي .. فلأكتفي بالدعاء .. فليس بيدي سوى الدعاء ..
و لم تمر سوى نصف ساعة تقريبا حتى دخل أحمد و ليلى و السمراء .. جرت نحوه السمراء و أمسكت يده ، بينما توجهت ليلى نحوي تستفسرني عما به، حكيت لها ما قاله الطبيب ثم خرجت .. لم أكن لأحتمل وجودي مع تلك في غرفة واحدة ..
أمضيت الليلة في قاعة الانتظار، فلم أكن أستطيع الذهاب لبيتي و تركه وحده، و لا البقاء معه أمام نظرات السمراء التي ستقتلني ..كنت أرى المرضى يدخلون و يخرجون و أحمد الله عن نعمة الصحة .. آه يا لي من جاحدة .. لقد كنت غارقة في النعم و مع ذلك أتذمر فقط لأن إياد تركني ..أستغفرك يا رب ..
و في الغد أسرعت منذ الصباح الباكر كي أقوم بالتحاليل و جلست أنتظر النتيجة، ثم اتصلت بليلى كي أسألها عن حاله فأخبرتني أنه مازال كما هو و أن السمراء ذهبت للبيت كي تحضر بعض الأشياء، فاغتنمت الفرصة كي أذهب لرؤيته .. حضنتني بمجرد أن رأتني و همست في اذني ..
– صبرا يا ريم .. صبرا ..
– تعبت يا ليلى .. تعبت .. لا أستطيع حتى البقاء معه و هو مريض .. حتى هذا حرمته .. و خائفة .. خائفة بشدة .. لن أستطيع العيش بدونه يا ليلى .. لن أقدر ..
– سيشفى بإذن الله .. سيصبح بخير .. لا تقلقي .. أخبرتنا الممرضة أن الطبيب سيأتي بعد قليل و سيطلعنا على حالته ..و سنرى ما العمل، سنرسله للخارج كي يتعالج إن تطلب الأمر .. لا تقلقي ..
– لقد كلمت الطبيب البارحة، أنا .. أنا سأتبرع له ..
نظرت إلي باستغراب ثم قالت ..
– ستتبرعين ؟
– نعم .. إنه في حاجة لكلية ..
– و لكن هذا خطير يا ريم ..
– لا .. لدينا كليتان .. أستطيع العيش بواحدة، لا تقلقي علي .. سأكون بخير مادام هو بخير ..
– آه يا ريم .. عجيب أمرك .. كيف تفعلين هذا من أجله و أنت تعلمين أنه ..
ابتسمت بأسى و قلت ..
– أكملي يا ليلى .. أنه متزوج من أخرى ؟ لا يهمني .. لا يهم .. لن أكذب و أقول أني لا أحترق كلما رأيتها معه، و لن أقول أني لا أتمنى طوال الوقت لو كنت مكانها .. لكن أريده أن يعيش .. أحتاج أن يعيش ..
– جزاك الله خيرا يا ريم .. و عوضك بمن هو خير منه ..
– لا .. بل ادعي الله أن يحفظه .. هذا كل ما أريد .. سأذهب الآن،لا بد أن النتيجة قد وصلت ..
– طيب … في حفظ الله