رغم كل الإجراءات المتخذة من طرف السلطات المعنية لحماية نظافة المحيط والصحة العمومية للمواطنين، إلا أنه تعاني العديد من الشواطئ المفتوحة للسباحة بالجزائر العاصمة خلال هذه الأيام الأخيرة من ظاهرة تراكم مختلف النفايات بطريقة عشوائية، مما أدى إلى استياء الكثير من المصطافين من هذا الوضع الذي ما فتئ يتزايد يوما بعد يوم .
و لعل ما يلفت الانتباه في هذه الشواطئ والمقدر عددها 65 شاطئا والتي أضحى الكثير من المواطنين يقصدونها بسبب موجة الحر الشديدة التي تعرفها مختلف ولايات الوطن استفحال ظاهرة رمي النفايات بطريقة عشوائية على مقربة هذه الشواطئ، وكذا داخل المياه مما أدى ذلك تشويه المنظر الطبيعي الساحر لهذه الفضاءات وكذا تسرب روائح كريهة أحيانا قد تضر بصحة المصطافين لاسيما الأطفال منهم الذين يصابون بحساسية الجلد وأمراض العيون .
وفي هذا الإطار، ذكر مدير السياحة بولاية الجزائر نور الدين منصوري بكل الإجراءات التي اتخذت من طرف السلطات المعنية لتوفير الراحة للمصطافين الذين يختارون المناطق الساحلية لقضاء عطلهم، مشيرا إلى أنه من ضمن 87 شاطئا تتوفر عليه ولاية الجزائر تم فتح 65 شاطئا للسباحة وذلك بعد إجراء تحاليل دقيقة على مياه البحر للتأكد من مدى صلاحياتها للسباحة وذلك لحماية صحة المواطنين .
و يضيف ذات المسؤول، أنه تم تحديد الشروط اللازمة التي يجب أن تتوفر في هذه الشواطئ كتخصيص حظائر لتوقف السيارات وتعزيز الأمن والحماية المدنية وتوفير كل الوسائل المادية لراحة المصطافين من دورات للمياه وكهرباء ومطاعم إلى جانب تنشيط نشاطات ترفيهية وسهرات فنية وثقافية بالفترة المسائية.
و أضاف المسؤول ذاته أنه تم هذه السنة اتخاذ قرار بمنع السباحة على مستوى 22 شاطئ بالعاصمة بسبب نقص التجهيزات والتهيئة ونوعية المياه التي لا تتطابق ومعايير الصحة والعمومية والنظافة خاصة على مستوى واد الحراش و الرغاية.
فيما أكد أنه خوفا من الأمراض المتنقلة عن طريق المياه فإن عملية المراقبة والتحليل البكتريولوجي الدوري لمياه هذه الشواطئ الممنوعة سيستمر وسيتم فتح بعضها تدريجيا في حال التكفل بالنقائص المسجلة بغية الحفاظ على صحة وسلامة المصطافين .
و لتوفير كل التهيئة الضرورية بالشواطئ يسهر كل من ديوان حضائر الرياضة والتسلية لولاية الجزائر والوكالة العقارية لولاية الجزائر إلى جانب أعوان السلطات المحلية لاسيما البلديات على نظافة هذه الشواطئ حيث تم لهذا الغرض توظيف 800 عون للتكفل براحة المصطافين من بينهم 450 دائمين و350 يشتغلون بصفة مؤقتة.
و ذكر مدير السياحة بولاية الجزائر بالتعليمة الاخيرة لوزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية نورالدين بدوي لولاة الولايات الساحلية الـ14 لضمان التحسين الفعلي للفضاءات المخصصة لراحة السياح والسهر على استفادة هؤلاء من خدمات ذات جودة.
و تؤكد التعليمة بهذا الخصوص على أن “استغلال الشواطئ المسموحة للسباحة يبقى حر ومجاني” ولا يجب أن يعرقل هذا المبدأ أي سبب كان أو أي صفة كانت وعليه يجب ازالة كل لافتة تحمل صيغة “شاطئ خاص” مع الاخذ بعين الاعتبار المتابعات القانونية المنصوص عليها في التشريع المعمول به.
و بخصوص الأنشطة الممارسة على مستوى الشواطئ توضح التعليمية أنه بإمكان البلديات المعنية السماح بممارسة أي نشاط على مستوى الشاطئ أو تفويضه عن طريق عقود امتياز ودفاتر شروط بهدف تحسين الخدمات مع ضمان ممارسة المراقبة من طرف المصالح المختصة وتحقيق مداخيل معتبرة للجماعات المحلية. ولكل مواطن له الحق الدخول إلى الشاطئ بالمجان حيث حدد سعر مرجعي لاقتناء مستلزمات البحر من كراسي وطاولة ومظلة ب 500 دج وذلك للقضاء على الاستغلال العشوائي لهذه الفضاءات .
و ركز في نفس الوقت على ضرورة تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية على مدار السنة لترسيخ ثقافة سياحية وبيئية لدى المواطنين خاصة وأن المواطن له جانب من المسؤولية في تراكم النفايات نتيجة رميها بطريقة عشوائية رغم كل الامكانيات التي وضعت على مقربة الشواطئ لتسهيل جمعها ونقلها .
وبخصوص مصدر تلوث المياه بعدة شواطئ مسموحة للسباحة مما أدى منها شاطئ قرصو بالرغاية يرى مدير الاستغلال والتطهير لمحطة تصفية المياه التابعة لمؤسسة “سيال” ببراقي رضى بوداب بأن الحفاظ على نظافة الشواطئ لحماية البيئة و الصحة العمومية هي قضية الجميع مما يستدعي تظافر جميع جهود الفاعلين “مرجعا سبب تلوث مياه البحر إلى رمي بعض المؤسسات الصناعية المياه االملوثة في الوديان لتتسرب بعد ذلك داخل مياه البحر .
و شدد السيد بوداب في هذا الاطار على ضرورة تطبيق اجراءات صارمة ضد أي مؤسسة صناعية التي لاتحترم معايير وشروط حماية البيئة مشيرا إلى أن فرق عمل محطة تصفية المياه ببراقي تقوم بصفة منتظمة بمعالجة المياه الملوثة لتفادي تسربها في البحر غير أن بعض الاحيان تتجاوزها الامور لان المراقبة التامة ليست من صلاحياتها داعيا إلى تطبيق غرامات مالية على كل من يتسبب في التلوث وفق ما نص عليه قانون حماية البيئة .
من جهته أكد مختص في علاج الأمراض الجلدية ورئيس مصلحة الأمراض الجلدية بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، عمارخوجة، أن “المياه الملوثة تشكل خطرا حقيقيا على صحة المواطنين حيث تؤدي إلى الإصابة بالحساسية بروز بقع حمراء على مستوى الجلد .
و يرى الدكتور خوجة أن عدد المحطات معالجة المياه الملوثة المتوفرة غير كافية للتكفل بمشاكل هذه المياه داعيا المواطنين إلى التحلي بالحيطة والحذر لاسيما في مجال اختيار المواد الغذائية التي لا يراعى فيها معايير وشروط النظافة .
في حين أكد عدد من المواطنين من بلدية عين بنيان الذين اختاروا شاطئ جميلة لقضاء عطلة الصيف على ضرورة التكفل أكثر بتنظيف هذا الشاطئ الذي يعاني من حالة انتشار النفايات المنزلية بطريقة عشوائية وتلوث المياه نتيجة عدم احترام شروط احترام البيئة .
و ارجعوا انتشار هذه الظاهرة إلى غياب ثقافة بيئية عند بعض المواطنين الذين لا يبذلون أي جهد لجمع نفاياتهم بأسلوب حضاري ووضعها في أكياس مخصصة لهذا الغرض داعيا إلى ضرورة تكاثف جهود الجميع من جمعيات وسلطات محلية ومواطنين لتنظيم حملات تحسيسية و توعوية لحماية هذا الشاطئ .