شهدت عدد من الولايات مشاريع إنمائية رصدت لها الملايير لكنها ظلت حبرا على ورق وذلك منذ عهد حكومة أحمد أويحي 2008 وصولا إلى تبون مرورا بسلال جراء الاختلالات التي شابت مساطر الصفقات العمومية أو طريقة تدبير المشاريع من قبل كبار مسؤولي الوزارات وغياب التقائية العمل بين الوزارات والاعتماد على تقارير تقنية مجهزة دون تحيين. ووصل إجمالي المشاريع الوهمية 100 مشروع همت قطاعات الفلاحة والطرق السيارة وخاصة خاصة صناعة السيارات فقد قامت الدولة قبل سنين بإنشاء مشاريع لصناعة السيارات في العديد من الولايات حيث قام كبار المتعهدين في البلاد بأخذ ملايير من أموال الشعب كدعم لهذه المشاريع الوهمية إلا أن الخبراء اكتشفوا أن عملية التصنيع غير مطابقة للأسس والمعايير المتبعة وبمعنى اصح غير موجود أساسا وأن هناك خلل في المواصفات المطلوبة من المتعهد الذي تلاعب بدفتر التحملات وتحايل على الدولة.
صانعو الوهم يستغلون دوافعنا البشرية و جعلوا للخوف وهماً وللأمان وهماً وللحرية وهماً وللإنسانية وهماً ولأنفسنا وهماً.. وهذه البلاد تدار بالوهم ففي مجتمعنا الأكثر تعقيداً باتت صناعة الوهم لها مفكروها وفلاسفتها فكما أن الإعلانات التجارية هي ممارسة توهيمية تهدف التأثير على المشاهد أو المستمع لجره إلى شراء سلعة معينة أو الاقتناع بفكرة ما كذلك هناك مستويات أخرى من التوهيم السياسي أو المعرفي. والسلطة أي الحكومة تبذل جهدها في صناعة الوهم لتنسج من أحلام البسطاء وأمنياتهم مشاريع التجهيل والتغييب وتجند حماستهم وتطلعاتهم نحو إنتاج المزيد من الخيال والوهم المحال لتغدو الأمة غارقة في حالة من الانتظار الدائم للخلاص على يد المجهول ومفرطة في أوهامها المترقبة دوماً لقدوم البطل المخلّص فالعقل البشري قابل لتلقي الخرافة والوهم وتصديق المجهول أكثر وتعتبر الرغبات والمخاوف من أكبر مسببات تقبل الوهم وهي غير مرتبطة بمستوى تعليمي أو اجتماعي أو اقتصادي معين فالوهم لا يرتبط بالخرافة التي سكنت المجتمعات القديمة فقط إنما سرى الوهم إلى المجتمعات المتطورة بالنظريات الحديثة الجارية، فالانفتاح كان سبباً في رواج الوهم بسبب عالم التكنولوجيا والتغير السريع الذي جعل الإنسان يصدق كل شيء. والوهم أخطر من الخطأ لأنه يصعب اكتشافه نظراً لما يحققه من الرغبات الوجدانية والنفعية للإنسان.
إن صناعة السيارات في بلادنا لا تختلف على صناعة الوهم فالدولة تصنع وهماً ثم تعيشه لنا واقعاً ملموساً وكأنها صنعت شيئاً حقيقياً يستحق التشجيع والتقدير؟ ودون أن ندري سنجد أنفسنا نحارب ونكافح طواحين الهواء فلا شيء حقيقي ولا شيء يستحق العناء.