بمناسبة أن اليوم ألاف الأسر الجزائرية تنتظر نتائج أبنائها في البكالوريا نقول لهم أن في العالم هناك الملايين حصلوا على البكالوريا وفشلوا في حياتهم وهناك أيضا في العالم الملايين رسبوا في البكالوريا ونجحوا في حياتهم ومن هنا إلى كل راسب في البكالوريا قد تعتبر نفسك فاشلا بسبب رسوبك أقول لك إن الفشل أحد التجارب المهمة في حياة الأفراد ولولا الفشل لما عرفنا طعم النجاح وكلما وقع أحدنا وفشل في تحقيق أمر ما كلما ازدادت عزيمته ليتمكن من النهوض من جديد ومتابعة المسير مبتسما للمستقبل وسيتمكن من التغلب على فشله لان النجاح رحلة حياة وهي أن تعرف مقصدك في الحياة أين أنت وإلى أين ذاهب وما هي رؤيتك. النجاح كلمة تدغدغ آذان سامعيها وتلهب مشاعرهم فتشحذ عزائمهم ليفَعِلُوا إمكانياتهم ويتفاعلوا مع المعطيات المتاحة ويوظفوها في مسيرتهم نحو تحقيق النجاح على كافة الأصعدة. يبدو أنَّ معظم الناس يكتفون بأن يدعوا الحياة تسيِّرهم كما يحلو لها غير أنَّ عدداً قليلاً منهم يُقررون ماذا يجري لهم في الحياة فلا يكفي مجرد البقاء على قيد الحياة بل يجب رسم خريطة الطريق لرحلة تقود إلى النجاح ومن ثمّ تتبوأُ المراكز القيادية وأعظم طاقة هي طاقة التفكير المبني على الإمكانيات فإن كان حلمك قد أتاك من عند الله فما عليك إلاّ أن تُعمل هذه الطاقة لتبلغَ هدفك. إذن العثور على الحلم والهدف ثم يتملكك ذلك الحلم وتسعى إلى تحقيقه بأقصى إمكانياتك وفي سياق ذلك تُحسن حياة الآخرين بطريقة إيجابية وتجديدية وبالتالي يبدأ هؤلاء يَجِدون طاقة حلم و خريطة رحلة نجاح في الحياة.
هناك بعض الناس يعيشون حياتهم يوماً بيوم سامحين للآخرين أن يملوا عليهم ما يفعلون وكيف ولا يحاولون كشف غايتهم الحقيقية التي لأجلها يعيشون وآخرون يعرفون غايتهم إلاّ أنهم لا يتصرفون على أساسها فهم ينتظرون إلهاماً أو إذناً للمباشرة وعليه فالجواب إبدأ الآن. قال فورد: ليس بين الأحياء إنسان غير قادرٍ على القيام بأكثر مما يظن انه يستطيعه. وإليك ثلاث مبادئ لتضع قدميك على طريق الارتقاء إلى أقصى قدراتك.1- ركز على الهدف الرئيس: ما من شخص بلغ أقصى إمكانياته بتشتيت ذاته في عشرين إتجاه. فلبلوغك أقصى إمكانياتك يقتضي التركيز لتكتشف مقصدك وما أن تقرر أين تركز حتى ينبغي لك أن تقرر عما أنت مستعدٌ أن تتخلى عنه كي تفعل ذلك وهذا أمرٌ حيويٌ وحاسمٌ فلا يمكن أن يحصل نجاح بغير تضحية فالأمران يسيران يداً بيد. 2- ركز على التنمية: تقدم ونمِ ذاتك بكل الطرق ويوماً بيوم. إن التزام التنمية الدائمة هو مفتاح بلوغك أقصى إمكانياتك وإحرازك النجاح ويمكنك كل يوم أن تصبح أفضل قليلا مما كنت عليه بالأمس وذلك يقربك خطوة واحدة من بلوغك أقصى إمكانياتك ولسوف تجد أيضاً أن ما تحصل عليه نتيجة لنموك ليس على نحوٍ وثيق مهماً بمقدار ما تصير إليه في أثناء مسيرتك. 3- إنسَ الماضي لأن الماضي مسألة ميتة ولا تُكسبنا أي شيء في تحركنا نحو الغد فإن كنا نجر الماضي وراءنا فالماضي سيسحبنا للخلف لكن نسيانه والنظر للمستقبل يرفعك ويرتقي بك. وليكن شعارك يوم أمس انتهى ليلة البارحة ربما يكون لك ماضٍ صعب وفيه أخطاء كثيرة وحافل بالعقبات فما عليك إلاّ أن تشق طريقك وسط ركام ماضيك وتمضي إلى الأمام بعيون شاخصة لمستقبلٍ واعدٍ. فالنجاح لا يُقاس بالمركز الذي بلغه المرء في الحياة بقدر ما يُقاس بالعقبات التي ذللها في طريقه للنجاح. فكر في هيلن كيلر التي فقدت بصرها في الطفولة لكنها قهرت إعاقتها الحادة وتخرجت من كلية راد كليف وأصبحت مؤلفة ومحاضرة مميزة ونصيرة للمكفوفين. والموسيقار بتهوفن لقد فقد سمعه في آخر السيمفونية ولم يثنه هذا بل تابع وآخرون كثر قهروا المآسي وأغلاط الماضي كي يسعوا إلى بلوغ أقصى إمكانياتهم.
وفي الأخير ركز على المستقبل لأنه المكان الوحيد الذي يجب أن نمضي إليه وكما يقول المثل الأسباني: من لا ينظر إلى الأمام يبقى وراء الآخرين فالحياة عبارة عن سلسلة من التجارب والخبرات بعضها جيد والآخر سيئ. النجاح قد لا يراه الفرد في نفسه وإنما فيمن حوله من أشخاص قد يكونوا هم السبب في نجاحه كالأم التي تضحي من اجل أبنائها حتي تراهم ناجحين. وفي اعتقادي أن النجاح هو التفاني في الوصول إلي الأهداف التي يحددها الإنسان لنفسه دون تكاسل أو تقصير أما مسألة الوصول إليها من عدمه لا يجب الحكم عليها بمعيار النجاح أو الفشل القاطع ولكن بدرجات فقد أحقق جزء من أهدافي ولا أحقق الجزء الأخر فعلي المحاولة مرة أخرى وهكذا دون إحباط أو إحساس بالفشل التي يسقط العزيمة.